أنصح من يصاب بمرض - عفا الله الجميع منه - أن يلجأ إلى التداوي بالشيح والحرمل والعرعار وما إلى ذلك مما تعرفنّه العجائز في الغابرين، وهذا أفضل له من التردد على المستشفيات والعيادات التي تنخر قواه المادية بعد أن تُجهد قواه الجسدية بكثرة المواعيد والتحاليل الطبية التي قد تدوم الشهور إن لم أقل السنوات.
المريض عندنا يعيش بين سندان الأطباء الخواص ومطرقة الأطباء العموميين، فإذا لجأ إلى الخواص قد يبيع كل ما يملك من أجل تسديد كلفة العلاج وليته يُشفى، وإذا لجأ إلى الأطباء العموميين عليه أن ينتظر دوره وإلى أجل غير مسمى، وقد يصاب بمرض آخر نتيجة الكآبة التي تصيبه من طول الانتظار وألم المرض، أو قد يفقد عقله إذا لم يكن يستطيع تحمل المشاق.
إن تمريض المريض في بيته ومداواته بالحشائش يخفف عنه ألم الإهمال في المستشفى، وسوء معاملة المشرفين على علاجه، ويخفف من متاعب ذويه النفسية والجسدية والمالية، ويكون بين أهله يستأنس بهم وبين جماعته حتى إذا توفاه الله يكون قد لقّن الشهادة، أفضل له من أن يموت وهو وحيد يصارع سكرات الموت.
وحتى أكون منصفا في ما أقول؛ فهناك في الحقيقة أطباء وأعوان لهم أكفاء يقدرون مهنتهم أحسن تقدير، يعملون جهدهم من أجل السهر على مرضاهم، إلا أن الشيء الذي يثنيهم عن تحقيق ما يصبون إليه، قد يتمثل في ظروف العمل غير الملائمة، أو نقص الأدوية المطلوبة، أو عدم رضاهم بالراتب الزهيد الذي يتقاضونه مقارنة بما يحصل عليه الخواص من نفس التخصص.