منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - // ** - منشور وزاري .. يحظر على الأساتذة التحدث بالعامية - ** //
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-08-02, 06:15   رقم المشاركة : 83
معلومات العضو
adam19
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

يس بالضرورة أن تكون"بعثيا" أو"عروبيا" متطرفا لتطالب برحيل وزيرة التربية نورية بن غبريط عن منصبها، مثلما تزعم بعض الصحافة المفرنسة هذه الأيام، فالوزيرة لم تفعل شيئا منذ وصلت إلى الحكومة سوى أنها حققت انجازا واحدا لم يكن في الحسبان، وهو جعلنا نندم على أيام سلفها خالد الذكر وسيّء السمعة أيضا.. أبو بكر بن بوزيد!



قد تكون فتنة تعليم العامية، آخر سقطات بن غبريط وحاشيتها، إلا أن ذلك لا ينكر أن القطاع عرف في عهدها تعفنا كبيرا، فقد تراجع مستوى التعليم، وتضاعفت الدروس الخصوصية وتغوّلت المدارس الخاصة، تزايد العنف بشكل رهيب وفقد الأستاذ هيبته بصورة غير مسبوقة، تحالفت النقابات للمرة الأولى لتشل القطاع فترة طويلة، وقلّ الاهتمام بالتلاميذ في المناطق النائية فبات هؤلاء عرضة لمافيا محلية تسرق حقهم في الإطعام ولا توفر لهم النقل وتنهب أموال الترميم وصيانة التدفئة، وتتماطل في بناء الأقسام والمدارس، وبعد كل هذا وذلك، تأتي ندوة الإصلاحات التي خدعت المشاركين فيها بتغيير الموضوع في آخر لحظة لتخرج علينا بتوصيات شاذة تشبه ندوة التجارة الخارجية التي أشرف عليها الوزير المخلوع عمارة بن يونس وأوصت باستبدال المحروقات بتصدير الخمور !

أخطأت بن غبريط حين قررت جسّ نبض المجتمع الجزائري بترويجها توصية التعليم بالعامية، وأخطأت أكثر حين خرجت على الملأ لتنفي الخبر برمته في ظلّ وجود دليل واضح بالصوت والصورة، يثبت أن المفتش العام بالوزارة ومستشار البيداغوجيا تحدثا في ندوتهما الصحفية عن "مخاطر تعليم اللغة العربية للأطفال، نفسيا ومنهجيا وأن اللغة الأم، أي الدارجة، هي الأفضل لتدريسها"!

الخطأ الآخر، هو ارتكاز الوزيرة في"معركتها" على فئة "مفرنسة" تتخذ من أروقة السياسة والإعلام والفكر منطلقا لها، حيث اعتقدت بن غبريط (مثلما اعتقد كثيرون قبلها على غرار مليكة قريفو وبن زاغو) أنه يمكن لتلك الفئة أن تنصرها، حتى أن أحدهم بلغت به الحماسة في الدفاع عن الوزيرة إلى حد اعتبارها أفضل من تولى مهمة القطاع منذ الاستقلال..!

الواقع أننا لو كنا دولة بحكومة محترمة، لسقطت بن غبريط وحاشيتها حتى من دون"قصة التعليم بالعامية" أو اتهام الإسلاميين والبعثيين بالحقد عليها، بل كانت ستسقط بالمبررات والمؤشرات الرسمية التي تم الكشف عنها خلال ندوة الإصلاحات الأخيرة..

وهذه بعضها فقط:

-فنسبة الإخفاق في التعليم الابتدائي بلغت 20 بالمائة فيما تعدّت النصف في أطوار أخرى.

-تسجيل ضعف غير مسبوق في تعليم اللغة الفرنسية (وهذه صدمة لدعاة الفرانكفونية ورافضي تعليم الانجليزية) حيث تراجعت النتائج بـ29 ولاية في الوقت الذي عرفت فيه 4 ولايات أخرى نتائج كارثية وغير مسبوقة منذ الاستقلال.

-تراجع المعدل الوطني للرياضيات في شهادة التعليم المتوسط إلى 7 من 20، وبالنسبة للفرنسية، لم يتزحزح عن 8 من عشرين.

-التلميذ الجزائري لم يعد يدرس سوى 25 أسبوعا على الأكثر عوضا عن 36 أسبوعا، بسبب الإضرابات والاحتجاجات، التي وإن قال البعض إن النقابات تتحمل جزءا من المسؤولية في تكررها، فإن للوزيرة التي أخفقت في إدارة حوار سليم وشفاف مع الشريك الاجتماعي"المسؤولية الأكبر" في تعفن الوضع..

-المدارس الخاصة باتت "غولا" لا تتحكم فيه الإدارة، بدليل اعتراف مسؤول كبير بالوزارة مؤخرا أن المناهج التعليمية التي تُلقّن بهذه المدارس لا علاقة لها بتاتا بالمنهج الرسمي!

-أكثر من نصف التلاميذ الذين ينتقلون للسنة الأولى متوسط (ونسبتهم 93 بالمائة) يعيدون السنة مما يدل على وجود مشكل حقيقي في مستوى التعليم القاعدي وتزوير في نتائج "الناجحين".

-فقدان امتحان البكالوريا هيبته داخليا وخارجيا، أو مثلما قال يوما الوزير الأسبق علي بن محمد إن "البكالوريا لم تعد امتحانا حول برنامج دراسي كامل وإنما مجرّد أسئلة متفرقة عن مجموعة دروس متفق عليها"..وخارجيا، اسألوا اليونيسكو عن ترتيب البكالوريا الجزائرية في العالم لتعرفوا الفضيحة، واسألوا الجامعة عن طبيعة معظم الناجحين لتكتشفوا الخديعة! لم نتحدث طبعا عن تزايد العنف المدرسي في شهادة الأرقام الرسمية، وعن فقدان المعلم لهيبته واحترامه، وعن تأخر العديد من مشاريع بناء المدارس وترميمها، وعن اضطرار عدد لا يستهان به من التلاميذ ممارسة الصبر على الجوع بسبب إغلاق المطاعم أو الانقطاع عن الدراسة لقلة وسائل النقل، ووو..

من يكون واضحا مع نفسه، لن يساند الرداءة والتسيّب من منطلق إيديولوجي ضيق وإنما يسعى لممارسة المعارضة الحقيقية بعيدا عن التصنيفات، معارضة نظيفة من كل الشتائم والاهانات، حفاظا على مستوى التعليم المهدد بالاضمحلال، ورأفة بالمدرسة التربوية التي تحوّلت إلى نكسة تاريخية!
منقول عن جريدة الشروق










رد مع اقتباس