منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حملات المنصور ابن أبي عامر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-03-31, 23:17   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مـــاهـــر
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية مـــاهـــر
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي حملات المنصور ابن أبي عامر

كانت سياسة الجهاد عند العامري نابعة من الخلفية الدينية، إلى جانب استخدامها في تحقيق مآرب شخصية أخرى. ولعل ما يدفعنا إلى هذا الاعتقاد، أنه كان أكثر حكام الأندلس الأموية ارتباطاً بهذه السياسة وتحمساً لها. فهو الوحيد الذي أعطى من وقته هذا المبلغ للحملات العسكرية التي كان يقودها شخصياً، والتي نافت على الخمسين حملة. ومعنى ذلك أنه كان يقوم بأكثر من عملية حربية في العام ضد الإسبان، في ليون وقشتالة ونافار ومواقع أخرى. وكان الطابع العام لسياسته الجهادية طابعاً هجومياً، بانتزاعه المبادرة من أعدائه الذين أرغموا على تغيير استراتجيتهم العسكرية من الهجوم إلى الدفاع. وهذا الواقع في العلاقات العدائية بين العرب والإسبان لم نجد له مثيلاً في العهود السابقة حتى في عهد الناصر.ولعل أشهر حملات العامري وأكثرها خطورة، حملته الرابعة التي شنها على مملكة ليون في عهد (راميرو الثالث)، فقد حاصر مدينة ساموره Zamora. (إلى الشمال الغربي من سلمنقة) وذلك في مطلع سنة (371 هـ / 981 م)، ولكنه تراجع عنها إلى مجابهة تحالف القوى الإسبانية بزعامة الملك الليوني على مقربة من قلعة سنت مانكش Cimancas. وفي هذا المكان جرت معركة من أعنف المعارك، تجلّت فيها موهبة العامري القيادية وجرأته النادرة بحيث أوقع بالإسبان هزيمة ساحقة، وطاردت قواته فلولهم حتى أبواب (ليون) عاصمة المملكة الإسبانية. ويُعلّل المؤرخون عدم سقوط المدينة في أعقاب ذلك، إلى صعوبة المناخ في تلك المناطق الباردة مع حلول الشتاء. ولا يبدو أن ذلك هو السبب الوحيد لتراجع العرب عن أسوار ليون، لأن المعركة الفاصلة كان توقيتها صيف تلك السنة (آب 981م). ولابد أن سبباً أكثر وجاهة دفع العامري إلى الاكتفاء بهذا القدر من الانتصار العسكري، فالعلاقات بينه وبين قائد الجبهة الشمالية (غالب) بلغت حداً من الانهيار. ولا ريب أن النشاط الحربي المكثف الذي أخذ يمارسه العامري رجل الدولة، قد أثار حساسية هذا القائد وترك لديه شعوراً بالحذر وعدم الثقة إزاء صهره الخطير. كذلك فإن (غالباً) العسكري المحترف لم يستسغ بروز العامري في الميدان الذي تألق فيه دون منافس، وأن يقطف تمراث النصر على حسابه.وهكذا انفجر الخلاف بين الرجلين الأكثر قوة في الأندلس الأموية، وأصبحت المجابهة بينهما حتمية تنتظر الفرصة المناسبة، دون أن يتخلى أحدهما عن حذره كي لا يقع فريسة الآخر المتربص به. ففي نفس السنة التي حدثت فيها غزوة ليون (381 هـ)، دعا غالب خصمه العامري إلى القيام بعمل عسكري موحد، في محاولة لاستدراج الأخير والقضاء عليه. وقد أورد ابن الخطيب تفاصيل هذه المؤامرة التي كان محورها (انتيسه) على الحدود الشمالية. حيث كانت وليمة أعدّها القائد متظاهراً بتكريم صهره، فإذا ما اجتمعا إلى بعضهما بعد عتاب قصير، فاجأ غالب خصمه بضربة سيف كادت تقضي عليه لولا أن كان العامري في منتهى اليقضة والحذر، غير أنه لم ينج من جرح في يده وصدغه.واعتصم غالب في القلعة بعد فشل مؤامرته، بينما اتجه العامري إلى مدينة سالم قاعدة خصمه. واتسعت دائرة الصراع بينهما لتضم البشكنس، وكانوا إلى جانب غالب حسب رواية ابن حيان التي ينقلها ابن الخطيب. غير أن تحالف غالب مع أعدائه التقليديين، وهو المرتبط اسمه بالجهاد ضد الإسبان، يحتاج إلى مناقشة رغم وضوح الرواية عند مؤرخ الأندلس (ابن حيان)، الذي زعم » بأن طائفة من البشكنس مع ابن ملكهم « قاتلوا إلى جانب غالب. أي أن تحالفاً رسمياً بين الطرفين تمّ بموافقة الملك وليس مجرد مقاتلين مرتزقة كانوا أساساً في عداد قوات القائد العام للجبهة الشمالية. ولعل في هذه الرواية شيئاً من عدم الدّقة أو تعريضاً بهذا القائد لاعتبارات لم يكن المؤرخ بمنأى عن الالتزام بها. فعلى الأرجح أن العناصر الإسبانية التي قاتلت إلى جانب غالب، كانت مرتزقة سبق للدولة أن استعانت بها، خاصة بعد إعادة تنظيم الجيش في هذا العهد. كما أن المؤرخ ابن حيان الذي عاش في أجواء الموالاة للعامري عندما كان أبوه كاتباً لهذا الأخير، لايستبعد أن يكون قد ألصق هذه التهمة بالقائد الكبير، الذي استمد شهرته العسكرية من حروبه ضد الإسبان.








 


رد مع اقتباس