أختي الفاضلة أم منى
و الله العظيم الأمر معقد نوعا ما و كما تفضل به أخي الفاضل آغيلاس صحيح، فلشخصية الرجل بالدرجة الأولى دور هام في تدريس الأبناء و أظيف أمور أخرى، أولها يجب على الأولياء أن يكونو على نفس طول الموجة sur la même longueur d’onde إن صح التعبير و هذا أمر أساسي، فالحوار على كيفية تربية الأبناء و تدريسهم جد مهم
الأمر الثاني أن الأم هي الصدر الحنون لأبنائها و هي متميزة بالصبر و قلة الإنفعال عكس أغلبية الرجال الذين مسؤوليتهم خارج البيت أصبحت صعبة لتوفير لقمة العيش و لذا الرجل يبتعد عن تدريس أبنائه و يلقي كل الثقل على الأم و هذا خطأ كبير، فالأبناء يستفيدون أكثر من الأب و الأم و إلا كانت التربية ناقصة مهما قدمت الأم من مجهود
أما عن حالتي ، كنت مثل بقية الرجال حتي يتمدرس إبني و أرى ماذا أفعل، زد إلى ذلك أني كنت متشبع بفكرة ـ لي قراو شا دارو ـ و لكن كنت أرى إبني يكبر و يسجل حضوره في البيت و كنت من النوع الذي لا يرجع إلى البيت إلا ليلا، و ذات يوم هزني كلام إبني بهذه العبارة قال ـ أنتما أبوين أحمقين، أمي منشغلة في المطبخ و أبي أنا متبع و أريد أن أنام ـ
صراحة هزني هذا الكلام و قررت تعليمه الحروف و بدأت بثلاثة حروف يوميا و في الحصة الثانية نسي كل شيء و أظهر إمتناع و قال من جديد، ـ لا أحب الحروف و أريد اللعب ـ و هذا الأمر إستوقفني كثيرا و قررت أن أهتم بما يدور حول التمدرس و تعليم الأطفال و إنطلقت في البحث و هنا ذهلت ، وجدت طرق جديدة، عالم آخر لم أكن أعلمه رغم أني من النوع الذي يطالع يوميا في كل المجالات إلا عالم التدريس
و هكذا غيرت رأي و قررت تدريس إبني و إستغلال فترة الطفولة لتثبيت ما يستطيع تعلمه إبني
أما عن أم ياسين فهي أم عاملة و إستغربت كثيرا و لم تستوعب كل الجهد المبذول و خاصة طريقة اللعب للتعلم و الأدوات التي كنت أحضرها
ترجيتها إن لم تستطع المساعدة، على الأقل أن تبقى بعيدة، و كم تمنيت أن تشاركني في التدريس باللعب و لكن ضيق الوقت و مسؤولية المطبخ تغلبا عليها
و إستسلمت للأمر الواقع، و لكن هذا ليس حلا لأني أؤمن بتنوع مصادر التعلم للطفل و خاصة من عند الأم
أحاول قدر المستطاع تلخيص ما أقوم به مع إبني كي تأخذ أمه نظرة شاملة رغم أني أفضل أن تطالع بنفسها و نتناقش فيما بعد
و بعد سنة و نصف من الجهد إستطاعت فهم أن ياسين متفوق نوعا ما مقارنة بأقرانه، و بدل أن تلتحق بالركب ، رسمت مهمة تدريسه لي رغم أنها متفوقة عليا في اللغة العربية و النحو و الإعراب ـ أرغمتها أن تقرأ له مهمة قراءة القصص قبل النوم ـ
و يوجد أمر ينساه الأبوين، فترة الطفولة لن تعود و الأطفال يكبرون و سيبتعدون تدريجيا عن عش الوالدين و لذا وجب الإستمتاع بهذه المرحلة و التقرب من فلذات الأكباد قدر المستطاع
فهم زينة الحياة الدنيا
و إستسمحك على الإطالة، فالحديث ذو شجون