إن موضوع الصِّحـافة في الجزائر موضوع حساس، وأرى في الطريقة التي عولج بها تعسفا واختزالا، لا يتعدى سطح الأشياء لسبر أغوارها.
فالصحافة الجزائرية، إن وجدت بالمفهوم الصحيح، هي صحافة في اتجاه واحد: أي أنها صحافة تمولها الأنظمة بصورة رسمية أو تحت غطاء الاستقلالية الزائفة؛ وزيادة على ذلك تعتبر وزارة الإعلام في بلادنا وزارة هامشية، وهي أقرب إلى أجهزة ديماغوجيا منها إلى أجهـزة رائدة، ويتجلى ذلك خصوصا في غياب الصحافة "الخبرية" إذ تغلب على الصحافة الوطنية "صحافة الرأي"، التي غالبا ما تنزل إلى درجة ردود الأفعال والاستفزازات المبتذلة (وأوضح مثال على هذا ما تبنته أمهات الصحف أيام غزوة أم درمان من تضخيم، وأحيانا من تلفيق).
وإن دور القارئ لا يقل أهمية في تدهور القطاع الإعلامي عن دور الوزارة الوصية .. فالمواطن الجزائري قارئ كسول، والدليل على ذلك تدني نسبة التوزيع في عديد الصحف في أكشاكنا، ناهيكم عن إعراض المواطن عن القراءة، إضافة إلى ارتفاع مستوى الأمية في الجزائر عموما، والتي تصل إلى أرقام مفزعة، وأفرزت هذه العوامل سلوكا جزائريا محضا اتجاه الصحافة المكتوبة .. يُنظر إليها على أساس أنها مساحة لسد الفراغ أو لملأ الكلمات المتقاطعة، وأصبح فتح مقهى أو إقامة نزل أفضل من تأسيس مطبعة أو إنشاء صحيفة، باعتبارنا ننظر إلى المشاريع الحضارية من منطلق الربح والخسارة.
إننا رهط لن ينهض إنْ لم يعد ميلاد صحيفة عيدا وطنيا، وإيقافها حدثا في الشارع.