منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - من مواقف علماء الجزائر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-07-06, 09:18   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
ابو مريم الجزائري
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لم تكن نشاطات الإمام عبد الحميد بن باديس ( وغيره من رجال جمعية العلماء) التعليمية والتربوية مقتصرة على المساجد والمدارس في مدينة قسنطينة فقط، فقد امتد نشاطه إلى المدن الجزائرية الأخرى فكانت له زيارات ورحلات إلى معظم أنحاء القطر الجزائري رغم المضايقات والحواجز التي كان يضعها المستدمر الفرنسي وأذنابه في طريقه، ورغم بعد الشقة وطول المسافة، فقد تنقل في القطار وفي السيارة وفي أية وسيلة يجدها متوفرة في سبيل نشر الوعي وزرع الفهم الصحيح للإسلام على هدي السلف الصالح، وهذه نماذج من تسجيلات وكتابات بعضها بقلم الإمام، وبعضها بقلم تلامذته في وصف المدن والقرى التي زارها أو زاروها:

مدينة عين البيضاء [ ولاية أم البواقي حاليا]:

عاصمة الحراكتة ومركز تجارتهم، حللتها ضيفا على الأديب السيد العربي موسوي الصايغي الوكيل الشرعي بها وانزلني ببيت الضيوف من جامعها الذي كانت توسعته وتأثيثها من آثار هذا الرجل ومن آزره من أهل الخير والدين، كما ضفت عند فضيلة الشيخ القاضي سيدي عبود الونيسي أخ شيخي وأستاذي العلامة الفقيه سيدي حمدان الونيسي دفين طيبة الطيبة عليه الرحمة والرضوان، وعند الشاب السري السيد عبد الرحمن بن الشيخ الكامل بن عزوز رحمه الله.
في هذه البلدة جماعة من أهل العلم والأدب منهم الشيخ السعيد الزموشي المدرس تطوعا بجامعها، ومنهم الشيخ حسن بولحبال ومنهم الشيخ الطاهر بن الامين ومنهم السيد العربي المذكور ومنهم الشيخ عبود الونيسي قاضيها والشيخ زواوي بن معطي إمام الجامع وغيرهم ، وبها نشء علمي متهيئ لطلبه.
اقترح الأستاذ السعيد الزموشي علي إلقاء درس في قوله تعالى: { لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} فألقيت درسا بالجامع في الآية المذكورة فبينت دعوة الله عباده إليه ودعوة الخلق إلى خالقهم، ودعوتهم خالقهم وان الدعاء عبادة، وأن العبادة لا تكون إلا لله، فالدعاء لا يكون إلا لله فدعاء غير الله ضلال ودعاء غيره معه شرك، وسأل الشيخ المدني الخنقي عن التوسل وهو قول الداعي: " اللهم إني أتوسل إليك بفلان" فاجبنا بجواز ذلك في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحديث الأعمى، وأما غيره فلا نقيسه عليه، وبينت أن المراد من دعاء الكافرين عبادتهم ودعاؤهم لطواغيتهم، وأما دعاء الكافر إذا كان مظلوما فإنها مستجابة كدعوة كل مظلوم، لأن الله تعالى حرم الظلم من كل أحد، على أي أحد.

مسكيانة [ ولاية أم البواقي حاليا
]أخذني من البيضاء الى مسكيانة الشاب المهذب الماجد السيد السعيد بن زكري خوجة حاكمها ونزلت في بيت جامعها، ولقيت مزيد عناية من إمامه الشيخ مامي الشريف وأضافنا قائدها السيد إبراهيم آل بن بوزيد بيت الحراكتة من قديم، والسيد أحمد بن فجني معين الطبيب، وبالغ أهلها في الاحتفاء والاعتناء وكانت لنا مجالس في عدد من محلاتهم التجارية لم تخل من تعليم وتذكير، وألقيت بجامعها بعد العشاء الليلة الأولى درسا في قوله تعالى " َيا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)} فذكرت حاجة الأعمال العظيمة إلى الجد والنهوض والصبر والثبات وان أعظم محصل للصبر هو إخلاص العمل لله، وما يجب لله من تكبير، وما يجب للخلق من نفع، وما يجب للنفس من تطهير حسي ومعنوي وما في الآية من بديع الترتيب، وألقيت في الليلة الثانية درسا في قوله تعالى: { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} وذكرت شرف هذا الاسم وهذه التسمية، وما تقتضيه من صفات السلم والسلامة والإسلام، أي الانقياد بالأعمال الشرعية لله والإخلاص فيها له.

بقلم عبد الحميد بن باديس.
مجلة الشهاب: الجزء التاسع، المجلد الخامس، جمادى الأولى 1348هـ/ أكتوبر 1929م. ( 5/469 - 470).
-----------------

مليانة [ ولاية عين الدفلى حاليا]

" ممن عرفنا بها المفتي الشيخ وكال محمد، عالم قرأ سنوات بالأزهر وأعجبني منه أنني وجدته يطالع شرح تجريد أحاديث البخاري فشكرت له عنايته بالسنة، وقلت له إننا نعرف عقلية الرجل من معرفتنا بالكتب التي يطالعها فمن لا نرى له عناية بكتب السنة فإننا لا نثق بعلمه في الدين.
واجتمعنا بالعالم المفكر المثقف الثقافة الصحيحة الشيخ السبيع الباش عدل ، وبالعالم الزكي الخبير الشيخ أحمد آل الحاج حمو القاضي وبغيرهما من الفضلاء، وأضافنا الشيخ السبيع والسيد عبد القادر بن عبد الوهاب وكانت مجالس التذكير في بيت الشيخ المفتى أولا، ثم كان قبيل المغرب بالمسجد ، وقد ظهر لي أن عامة مليانة قليلة الرغبة في العلم فيها فتور وخمود قيض الله لهم من يوقضهم.خميس مليانة:
" ممن عرفنا بها السيد عليش من طلبة العلم النشيطين وهو داعية من دعاة النهوض للعلم في تلك النواحي بعقل صحيح وعقيدة سليمة، والشيخ الفقيه ابن علي الإمام بالمسجد، وأممنا المسجد فكان المجلس غالبا معمورا بالسامعين ، وكان الشيخ ابن علي متصديا لإلقاء الأسئلة العديدة المتنوعة بأسلوب هو غاية في الأدب واللطف وعقدنا مجلسا عاما للتذكير حضره جم غفير من الناس فأزال عنا ما شاهدناه في الخميس من النشاط والرغبة والإقبال ما حملناه من الهم من فتور عامة مليانة وخمودهم.
وأضافنا بالخميس السيد عليش والسيد بن علي والسيد عمر بن خلادي والسيد بوكراع الحاج محمد النائب البلدي.

الاصنام [ الشلف ]:
" ممن عرفنا من فضلائها مفتيها العالم الماجد الشيخ الوانوغي بن الشيخ بومزراق الزعيم المقراني المشهور، والشيخ يمثل شهامة أسرته وكرمهم وهمتهم إلى معارف أكسبته إياها الأسفار والتجارب، وهو القائم بالخطبة والتدريس في جامعها، والعلامة الألمعي طالب شعيب القاضي بها( والقاضي الآن بالعاصمة) فما شئت من علم وأخلاق وفصاحة واطلاع على شؤون الوقت وعدالة ونزاهة، وعقدنا مجلس التذكير بساحة الجامع مساء بحضرة الشيخ المفتى والعلامة الشيخ ابن عشيط، واغتنم الشيخ المفتى فرصة الاجتماع فذكر للشيخ ابن عشيط مسائل شاذة جدا كان يقول فيها وناقشه فيها فأبى الشيخ ابن عشي إلا التمسك بها، فقلت له إنني أعظمك واحبك ولتلك المحبة ارغب منك أن تسكت عن هذه المسائل فلا تذكرها ولا تتحمل مسؤوليتها ، فرأيت من حضرته انعطافا لقولي وقبولا له.
وبلدة الأصنام بلدة تجارية وفي أهلها ذكاء وفهم وقبول للتعليم.
وأضافنا فيها قاضيها ومفتيها المعظمان.بقلم عبد الحميد بن باديس.
مجلة الشهاب: عدد رجب 1350 هـ/ نوفمبر 1931م
الجزء: 11 المجلد: 7 ، ص 664 - 665.(7/726).









رد مع اقتباس