منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لكم موسوعة أعلام الجزائر..*
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-09-15, 18:25   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
أمين المستغانمي
عضو متألق
 
الصورة الرمزية أمين المستغانمي
 

 

 
الأوسمة
الوسام الفضي لقسم الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي

موسوعة أعلام الجزائر
4 - الإمام الجليل العالم الفذ عبد الحميد بن باديس الجزائري
الجزء الخامس والأخير
من هذه الحلقة

محاولة اغتيال ابن باديس


كانت الحملات (في الصحافة الإصلاحية و خاصة في الشهاب) متوالية على الخرافات والأباطيل، وعلى المبتدعة و المضللين، واشترك في الكتابة فحول العلماء والمفكرين في الجزائر وتونس والمغرب وكان من أشدهم عنفا على الطريقة العليوية وشيخها المتهم بالحلول ووحدة الوجود، كاتب يمضي مقالاته باسم (بيضاوي) فحاول العلويين معرفة هذا الكاتب، ولكن إدارة الشهاب أبت الكشف عنه، كما كان الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس قد ألف رسالة علمية يرد فيها على الشيخ ابن عليوة لسوء أدبه مع النبي (ص) وعلى بعض شطحاته الحلولية المنافية للعقيدة الإسلامية، ولأهمية هذه الرسالة قرضها أهم كبار علماء الجزائر وتونس والمغرب.
وهكذا تحرك غيض العلويين، فقرروا الفتك بالإمام الجليل عبد الحميد بن باديس فعقدوا اجتماعا في مدينة مستغانم بالغرب الجزائري واتفقوا فيه أن يغتالوا الشيخ المصلح، وأرسلوا من ينفذ هذه الخطة، وفي مدينة قسنطينة شرع هذا الشخص الموفد مع بعض مساعديه يترصدون الشيخ لمعرفة مسكنه وتحركاته وأوقاته، وفي مساء يوم 9 جمادى الثانية 1341 هـ الموافق ليوم 14/12 / 1926 م أقدم الجاني على تنفيذ محاولته الآثمة، ولما دنا منه هوى عليه بهراوة وأصابه بضربتين على رأسه وصدعه، فشج رأسه وأدماه، لكن الشيخ أمسك به ونادى النجدة بضربتين وحاول المجرم أن يسل خنجرا من نوع (البوسعادي) نسبة لمدينة بوسعادة بالجنوب الجزائري ليجهز على الشيخ، و لكن الله نجاه، بفضل جماعة النجدة التي قبضت عليه، وأرادت الفتك به، فمنعهم الشيخ، عند ذلك ساقوه إلى الشرطة فأوقفته وفتشته فوجدت عنده سبحة وتذكرة ذهاب وإياب بتاريخ ذلك اليوم، (من مستغانم إلى قسنطينة) زيادة عن الموس أي الخنجر والعصا، فأودعته السجن ثم قدمته للمحاكمة فنال جزاءه، وصدر في شأنه الحكم بخمس سنوات سجنا. رغم أن الإمام الجليل الشيخ عبد الحميد بن باديس عفا عنه في المحكمة قائلا : إن الرجل غرر به، لا يعرفني و لا أعرفه، فلا عداوة بيني و بينه، أطلقوا سراحه، ولكن الزبير بن باديس المحامي (شقيق الشيخ المعتدي عليه) قام باسم العائلة يدافع عن شرفها، ويطالب بحقها في تنفيذ الحكم قائلا : إن أخي بفعل الصدمة لم يعد يعي ما يقول إلى غير ذلك مما جرى في المحاكمة.
وقد قيل في هذه الحادثة من النظم والنثر حينئذ في مختلف الصحف الجزائرية وغير الجزائرية ما يؤلف موسوعة كاملة، نشرت جريدة الشهاب الجزائرية الكثير منها وتناولها الشيخ الإمام الجليل مفتي الجزائر أحمد حماني بالتسجيل والشرح في كتابه (صراع بين السنة و البدعة) فليرجع إليه من شاء زيادة بيان.

وفاته رحمه الله تعالى

هذا هو الإمام العالم الجليل عبد الحميد بن باديس الجزائري
الذي كان يقضي بياض نهاره وسواد ليله في خدمة دينه ولغته وبلاده. لم يكن يثنيه عن هذا الأمر الذي وجه كل جهده إليه أي عائق من العوائق الكثيرة التي كانت تعترض سبيله.
فقد ظل يجاهد بفكره ولسانه وقلمه في جبهات عديدة, في مجال التعليم والصحافة والسياسة والإصلاح الديني والاجتماعي والدعوة إلى الإيمان الصحيح, ومقاومة البدع والخرافات والأوهام, ومحاربة الظلم والفساد, وأشكال الاضطهاد, والوقوف في وجه القوانين الجائرة التي كانت سيفا مسلطا على أعناق الجزائريين. بهذه الروح الوطنية الوثابة, وبهذه العزيمة الصلبة ظليعلم الناس ويرشدهم, ويثقف أفكارهم, ويبصرهمبواجباتهم تجاه أنفسهم ووطنهم, وتجاه دينهم ولغتهم, لأنه كان يرى أن واجبه الأول في معركة بلاده مع الاستعمار هو تعبئة الناس, وتنوير عقولهم بالعلم والمعرفة, وتسليحهم بالوعي والإيمان, ليبقى إحساسهم بذاتيتهم قويا, وارتباطهم بوطنهم متينا, وليكونوا دائما على أهبة لما يتطلبه واجب الدفاع عن الوطن وتحريره من كل أشكال الظلم والاستبداد.
هذا هو الرجل الذي عرفته الجزائر الحبيبة عالما عاملا, وفقيها مجتهدا, ومربِّيا مخلصا, ومصلحا, وسياسيا, وإماما.
هذا هو الرجل الذي كان قلب الجزائر النابض, وروحها الوثابة وضميرها اليقظ, وفكرها المتبصر, ولسانها المبين, لم يضعف أمام هجمات الاستعمار المتتالية, ولم يستسلم لمناوراته وتهديداته, ولا للإغراءات والمساومات, بل بقي ثابتا على مبادئه صامدا حتى آخر حياته.
وفي مساء يوم الثلاثاء 8 ربيع الأول سنة 1359 هـ ، الموافق 16 أبريل1940م، أسلم العالم الجزائري الجليل ورائد النهضة والإصلاح الإمام عبد الحميد بن باديس روحه الطاهرة لبارئها، متأثرًا بمرضه بعد أن أوفى بعهده، وقضى حياته في سبيل الإسلام ولغة الإسلام، وقد دفن -رحمه الله- في مقبرة آل باديس بمدينة قسنطينة.
وهكذا فارق الجزائر وهو في أوج العطاء, إذ لم تتجاوز سنة يوم وفاته خمسين سنة وبضعة أشهر, فارق الجزائر قبل أن يتم المشاريع التي بدأها, ويحقق الأحلام التي كانت تراوده, فارقها وهي تستعد لتنظيم نفسها, وجمع شملها, وتعبئة قواها, والتهيؤ لإعلان الثورة المسلحة الكبرى التي كان عمله ممهدا لها.
هكذا مات الإمام الجليل العالم الفذ عبد الحميد بن باديس الجزائري كما يموت كل عظيم تاركا وراءه تاريخا حافلا, وتراثا فكريا زاخرا.
مات الإمام عبد الحميد بن باديس ولكن أفكاره لم تكت لأنها أصبحث جزءا من أمجاد هذا الشعب الأبي الثائر الذي ظلّ وفيا لهذا الرجل, مخلصا في ارتباطه به, وتمسكه بأفكاره, فقد ظل يقيم له الذكرى ويكرمه ويكرم نضاله منذ وفاته إلى اليوم.
ومع بداية فجر الاستقلال رسمت الدولة هذا التكريم, واعتبرته تكريما مستحقا, وجعلت من ذكرى وفاته يوما وطنيا للعلم والعلماء تحييه كل سنة بصفة رسمية في جميع أرجاء البلاد, وخلدت إسمه في كثير من المنشآت.
وصف حي لشاهد معاصر لجنازة العالم الجليل فضيلة الشيخ عبد الحميد بن باديس
لقد عاش الشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس للفكرة والمبدأ ومات وهو يهتف (فإذا هلكت فصيحتي تحيا الجزائر والعرب) لم يحد عن فكرته ومبدئه قيد أنملة حتى آخر رمق من حياته، ولم يبال بصحته الضعيفة التي تدهورة كثيرا في السنتين الأخيرة من حياته، قبل وفاته حتى (أصيب بسرطان في الأمعاء لم يتفرغ لعلاجه فقضى عليه في النهاية) – الشيخ الإمام محمد البشير الإبراهيمي الجزائري (مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، العدد 21، ص : 143، سنة 1964 م، القاهرة).
...وقد لفظ أنفاسه الأخيرة رحمة الله عليه في ليلة الثلاثاء الثامن من ربيع الأول سنة 1359 هـ الموافق لـ 16 أبريل 1940 م في مسقط رأسه بمدينة قسنطينة، التي اتخذها في حياته مركزا لنشاطه التربوي، والإصلاحي، والسياسي، والصحافي.
وفي يوم تشييع جنازته إلى مقرها الأخير خرجت مدينة قسنطينة على بكرة أبيها كلها تودعه الوداع الأخير، كما حضرت وفود عديدة من مختلف جهات القطر الجزائري للمشاركة في تشيع الجنازة ودفن في مقبرة آل باديس الخاصة في مدينة قسنطينة رغم وصيته التي أوصى فيها بدفنه في مقبرة شعبية عامة (انظر حمزة بوكوشة، جريدة البصائر العدد 49، ص 8، الصادر في 13 سبتمبر 1948، الجزائر، من السلسلة الثانية [1947 – 1955]).
وعندما شاع خبر وفاته في الجزائر بكاه أبناءه المواطنون الجزائيون بكاءا حارا كما بكاه عارفوه، ومقدرو علمه، وجهاده، في سبيل الجزائر والإسلام، والعروبة، في كل من المغرب وتونس وليبيا، والمشرق العربي والعالم الإسلامي.
وقد شيعت جنازته في اليوم التالي لوفاته وسط جموع غفيرة من الجزائريين وكان المشيعون خمسين ألفا، أو يزيد، جاءوا من كافة أنحاء القطر الجزائري لتوديعه الوداع الأخير وقد تركت وفاة الإمام العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس فراغا كبيرا في صفوف الحركة الوطنية، وفي رجال الإصلاح الإسلامي في الجزائر وغيرها، وبين جماهير الشعب التي كانت تعتبره الزعيم المخلص، والوطني الغيور على دينه، ولغته، وشعبه، ووطنه، وعلى الإسلام والعروبة، بصفة خاصة وقد قال الشيخ الشهيد العربي بن بلقاسم التبسي في تأبينه في المقبرة ما يلي :
" لقد كان الشيخ عبد الحميد بن باديس في جهاده وأعماله، هو الجزائر كلها فلنتجتهد الجزائر بعد وفاته أن تكون هي الشيخ عبد الحميد بن باديس "

يوم العلم : 16 أفريل :

تحتفل مدينة قسنطينة على غرار باقي ولايات الجزائر بذكرى يوم العلم التي تصادف يوم 16 أفريل من كل سنة ، و قد اختير هذا اليوم تكريما للعلامة عبد الحميد ابن باديس الذي قدم خدمات جليلة للجزائر ، و يصادف هذا اليوم ذكرى وفاته .
و انطلاقا من هذه الذكرى اكتسبت مدينة قسنطينة اسم مدينة العلم ، حيث تشهد خلال هذه الكرى احتفالات و تظاهرات علمية و ثقافية و حتى رياضية ، مسابقات ثقافية مختلفة عبر كامل تراب الوطن .
فمن هو عبد الحميد ابن باديس ؟
هذا هو الشيخ الجليل الإمام العلامة عبد الحميد بن باديس الذي تحتفل الجزائر العظيمة كلها منذ وفاته في 16 أفريل 1940 بذكرى وفاته من كل عام بيوم العلم الذي هو يوم وفاته رحمه الله رحمة واسعة وتلك بعض خصاله وأعماله، وقد ترك من ورائه تراثا ضخما في العلم، والأدب، والصحافة، وفي تفسير القرآن الكريم، والحديث الشريف، وفي السياسة والتلاميذ الأوفياء، صار اليوم بعد استقلال الجزائر الذي عمل الشيخ العلامة الجليل عبد الحميد بن باديس أكثر من ربع قرن من أجله، مرجعا خصبا للدراسات الجامعية الرصينة داخل الجزائر، وفي المشرق العربي، وفي أوربا وأمريكا، وفي جامعات عديدة في العالم كله.
وقد رثاه الشعراء والكتاب والعلماء والفانون وخلدته الجزائر في قلبها كواحد من أعظم أبنائها الذين خدموها بتجريد وإخلاص طيلة حياته، وعاهدته عهدالشرف والوفاء، على مواصلة السير في الطريق الذي اختطه لها في حياته، وهو طريق التحدي والصمود و العزة والكرامة والحرية والاستقلال، في ظل الحضارة العربية الإسلامية.
وقد وفت الجزائر العربية المسلمة بعهدها الذي قطعته للشيخ الجليل العالم الفذ عبد الحميد بن باديس وحقق أبطال الجزائر مفجرو ثورة الفاتح من نوفمبر سنة 1954 المجيدة "ثورة المليون والنصف المليون من الشهداء الأبرار" كل ما جاهد في سبيله الشيخ الجليل العالم الفذ الإمام عبد الحميد بن باديس طيلة سبعة وعشرين عاما من حياته العامرة بجلائل الأعمال، وذلك خلال حوالي ثمان سنوات من الجهاد المتواصل بالفكر والقلم حتى تم طرد الاستعمار الفرنسي نهائيا من الجزائر الحبيبة جزائر الصمود والتحدي جزائر القوة والجدارة جزائر الأصالة والحضارة ومعدن الرجال الشجعان وعرين الأسود ونالت إستقلالها بدماء خيرة أبناءها وبناتها الزكية وبفضل كفاحهم المسلح ضد أقوى ترسانة عسكرية عالميا ورابع قوة عسكرية في الحلف الأطلسي آنذاك وأعطت فرنسا دروسا في فن القتال والصمود في ساحات الوغى لمدة سبع سنوات ونصف من الإقتتال الشرس في الجبال والغابات والوديان وحرب العصابات في المدن حتى نالت الجزائر استقلالها التام في5 جويلية عام 1962 إلى الأبد بإذن الله وتحقق حلم العالم الجليل الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و أسكنه فسيح جنانه..










رد مع اقتباس