صحيفة الوطن العمانية
أسرار معركة مدينة حلب كثيرة، فما بعدها هو المطلوب وهو العنوان الذي سيملأ الأخبار والتحليلات والقراءات .. إنه الحزام الأمني الذي تنوي تركيا إقامته في تلك المنطقة المتاخمة لها، ومن وضوح الضوء الملقى عليها، أن الاميركي يتحدث جهارا عن ضرورة إقامة منطقة عازلة في الأراضي السورية تتحول الى دويلة كرتونية يتم الاعتراف بها دوليا ثم تبدأ بالتمدد جنوبا وصولا الى انهاء النظام السوري. تصور صبياني في توقيت غير ملائم، رغم ان تركيا تحضر من على بعد مائة كيلومتر تقريبا طلائع من يمسكون ذلك الحزام عبر تدريبات في مدينة أضنة. ويتقدم الأتراك على هذا الطريق متخذين من تجربة اسرائيل القديمة الفاشلة في جنوب لبنان معلما لها في تجربتها الجديدة.
رغم صمت الإعلام التركي عن هذه النقطة الحساسة،علما بأنه إعلام قادر على كشف الحقائق والتحدث بها بحرية تامة، لابد له ان يكشف ان عاجلا او آجلا عن هذا التطور القديم الجديد الذي يوسوس في صدور القيادة التركية منذ أن صب رئيس وزاء تركيا اردوغان جام غضبه على الرئيس بشار الاسد.
الحزام الأمني الذي تزمع تركيا إقامته له هندسة شبيهة بما أقامته اسرائيل في جنوب لبنان ودام أكثر من عشرين عاما الى ان الحقت به هزائم كبرى لم يستطع خلالها الاسرائيلي ولا اللبناني المتوافق معه من البقاء في تلك البقعة نتيجة الضربات المتلاحقة من المقاومة اللبنانية. فهو يخضع للقيادة التركية التي تقوده مباشرة من خلال تعيين مجلس عسكري له وناطق سياسي وجيش متحرك ومنافذ ومعابر وإعلام وما شابه إضافة الى التموين العسكري وغير العسكري. ومما يعنيه اقامة هذا الحزام، أن تركيا الممثلة للحلف الأطلسي والولايات المتحدة أيضا، تبين لهما صعوبة تغيير النظام في سوريا على ما يبدو فقررا سحب الفكرة القديمة الموجودة في الادراج لعلها تشكل تأثيرا على النظام السوري الذي مازال يتمتع بقوة شعبية ومن جيش لم يقهر في أية معركة ومن احتضان روسي صيني وشعبي عربي بدأ يفهم حقيقة المعركة ضد سوريا. لكن، رغم أن لهذه الدول ذاكرتها، إلا أنها تعود الى الخطأ ذاته الذي حول اسرائيل الى مؤثر في انجاح مسيرة حزب الله التي كانت تتعاظم يوميا من خلال عملياتها العسكرية ضد الاسرائيلي واللبناني المتحد معه على حد سواء .. لذا، سترتكب تركيا والولايات المتحدة خطأ اسرائيل التي استفادت منه المقاومة، والذي سوف تستفيد منه الدولة السورية بإطلاق مقاومتها التي ستحرر هذا الجزء العزيز عليها.
لكن من يؤكد أن تركيا ومن وراءها يمكنه تحقيق هذه الغاية فيما قوة الجيش العربي السوري مازالت راسخة كجبال سوريا وقوية كصخورها.