منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نحن من يصنع الإرهاب في غرداية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-07-01, 20:08   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدك يا رباه
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية عبدك يا رباه
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي نحن من يصنع الإرهاب في غرداية


بلغني أمس نبأ مقتل أحد الشباب من بني ميزاب في غرداية متأثرا بجروح و كدمات على الرأس .. إنتقل إلى جوار ربّه صائما .. نسأل الله أن يتقبّله بأحسن قبول ..

ما جئتُ هنا لأنعيَ الشهيد و لأنعته بخطابات شاعرية بأنه الشهيد الفذ .. لا لا .. و ما أنا هنا .. لأعزّيَ أمّه التي تركها على مرارة الفراق و لوعة الغدر .. و لن أتحدث بخلفية فقهية حمقاء عن القتل في رمضان و كأنّ القتل في غير رمضان أمر هيّن و يسير .. أنا هنا من أجل أن أنعيَ إنسانيتنا - نحن - التي فارقتنا منذ أمد بعيد .. و لأعزّي أنفسنا على هذا الحال الذي وصلنا إليه ..

بعيدا عن مأساة ( اليسع ) و بغض النظر عن الخلفيات التي قتل لأجلها طائفية ( إباضية و مالكية ) كانت أو إجتماعية ( عادات و تقاليد ) أو إقتصادية .. و سواء كانت الأطراف داخلية أو خارجية , فإن المصيبة كبيرة و الخطبُ جليل .. أن يقتل في غرداية ما يربو عن 10 مسلمين .. و القاتل في نهاية المطاف مسلم لأننا لم نر مركبات فضائية حطت على أرضنا و بدأت بقتل البشر على أرض غرداية ! و القاتل في نهاية المطاف من غرداية , و القاتل في نهاية المطاف محسوب على الطائفة و المذهب الآخر ! ,و هنا تكمنُ الكارثة ..

مذ كنتُ صغيرا و أنا من مدينة لا يوجد فيها تقريبا عائلة واحدة من بني ميزاب - و أنا أقول هذا حتّى نفهم أين يكمن الدّاء - .. أقول .. أفهمتُ أن لهم مذهب غريب مما نعبر عنه باللهجة الدارجة ( تاع كيفاش ) و أن لهم فقه ( تاع كيفاش ) و أن صلاتهم ( تاع كيفاش ) و أن لهم فقه طهارة ( تاع كيفاش ) .. و أنّ عاداتهم و تقاليدهم ( تاع كيفاش ) .. كبُرتُ و كبُرت معي هذه النظرة السوداوية و تورّمت و ذلك تأثرا بذاك الفكر الذي يكفر بكل صغيرة و كبيرة خارج دائرته الفكرية .. !

في الأحياء الجامعية تعرفتُ على أخوة لي من بني ميزاب , و بالرّغم من الغمز و اللمز الذي أسمعه من هنا و هناك .. إلا أن تلك الصورة السوداوية تلاشت .. لأمرين إثنين أولها أني لم أعد ذاك الشاب الغبي الذي يصدق كل نداءات الطائفية , و ثانيا لما رأيته من حسن سلوك و قمة أخلاق شبابهم هناك ! و خاصّة أنه كانت لنا تقريبا لقاءات أسبوعية .. تعرفنا فيها جيدا حتى عن طريقة تفكيرهم !

حضرتُ دوْرتين في تدبّر القرآن الكريم التي يقوم عليها الإخوة الميزابية و على رأسهم ( الشيخ داوود بو سنان ) حفظه الله , لم تكتف تلك الصورة بأن تلاشى سوادها فابيضّت بل أصبحت ذات لون وردي و زهري .. من قمّة ما رأيت من تسامحهم و إنفتاحهم و حسن فهمهم و نظرتهم النموذجية جدا لقضية و لـفقه الإختلاف !

بعد أن أكلتُ خبزهم و ذقتُ لذيذ طعامهم و استأنستُ بلطيف كلامهم و أعجبت جدا بإنفتاحهم و طريقة تفكيرهم .. همس صديقي مرة في أذني و قال لي .. إيّاك أن ( تحُط الأمان في مزابي ) .. من ذاك اليوم و في تلك اللحظة عرفتُ أن الإرهاب و القتل و التخريب لم نستورده من الخارج بل نحن من صنعه و نحن من يرعاه و نحن من ينتجه بمثل هذا الفكر البدائي المنحط و الجاهلي الذي لا يعرف إسلاما و لا محمدا و لا رب محمد !

كما يقول إخوتنا المصريون - تصوّر أنت بقى - لمّا يترعرع الطفل في غرداية ( التي تضمّ العرب و بني ميزاب ) على تلك الطريقة الجاهلية في التلقين , و ذاك الغلط التربوي الذي يزع ألغام الحقد و الكراهية في لاوعي الطفل .. سواء في الشارع أو في المدرسة أو في الأسواق .. أظنكم ستقولون أني أبالغ إذا قلتُ لكم أننا بهذا الشكل نربي قنابل موقوتة في بيوتنا , قنابل مستعد للإنفجار مع أول شرارة ,, لأن الحب و الإحترام الحقيقي للطرف الآخر إن غاب فلن يعوضه التملق و المداهنة و كذبة ( أحبك في الله ) , الحب لا يرضى أن يكون له بديلا إلا الحب , و إلا فستعجزُ كل شعارات الدنيا بما فيها الأخوة في الله , و غيرها حتى من الشعارات التي تتوسّل الخطاب الديني , أن تجمع بين إثنين يحقد أحدهما عن الآخر .. !

و سندخل بعدها في مصيبة الفعل و رد الفعل .. القتل و الثأر .. و ستتضاعف الأحقاد و الكراهية و الغل أضعافا مضاعفة .. ممّا يجعلها تتأزم أكثر و أكثر , خاصة تحت هذا السكوت بل و التواطؤ الظالم للسلطات المسؤولة , الذي لا أفهم منه إلا أنها تريد للنار أن تشتد , لتمثل علينا دور سوبرمان في حل المشاكل !

إن أردتم أن أصف لكم الداء في غرداية و في أي بقعة في الأرض يقتل الإنسان أخاه الإنسان فسأقول ذلك أنّنا مشوّهون تربويّا .. نقطة و ارجع للسطر .









 


رد مع اقتباس