منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحراسة القضائية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-01-14, 00:30   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الملحق

الملحق

مقدمة بحث الحراسة القضائية في البحرين:
منذ عدة سنوات ونحن نتابع المشاكل التي يتعرض لها المجتمع نتيجة فرض الحراسة القضائية وكيف أن ورثة كثيرين قد تضرروا لهذا الأسلوب والجميع يعزوا هذه المشاكل إلى التصرفات الغير محدودة إلى الحارس الذي يتصرف بالتركة والأموال والعقارات التي عين للحراسة عليها وكأنه هو الوريث الشرعي بعيداً عن الرقابة.

إننا عايشنا هذه الحالات وإن أسماء المتضررين معروفة بل أن عائلات قد اكتوت بنار الحارس القضائي دون أن يستطيع أحد وقف هذا النزيف من أموالهم ، وأكثر ما أثارنا تلك الصيحات في وسائل الأعلام المرئية والتي تحكي قصصاً لا يصدقها العقل وأنها تتم في هذا الوطن الذي بدأ فيه عهد زاخر ومشروعٌ إصلاحي على كل المستويات ، هذا النهج الذي بدأه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين وهو الحريص دائماً أن يكون العدل أساس الحكم
.
إننا أيضاً في مجلس الشورى مسئولون عن تنفيذ المشروع الإصلاحي لجلالتة بالقيام بكل ما يجب عمله لكي يعيش الجميع في هذا الوطن وهم يشعرون أن حقوقهم مصونة بموجب القانون ولا يمكن أن يترك أحداً أن يوظف القانون لصالحه والإضرار بالآخرين ، لذا قمنا بهذه الدراسة حول موضوع الحراسة القضائية ووضع عدة حلول لها.

ونظراً لذلك فقد رأينا أن نتعرض لبحث هذه المشكلة للوقوف على كل جوانبها سواء من ناحية المتقاضين أو القضاء أو القائمين بأعمال الحراسة مع التعرض لأحكام القوانين المنظِمة لمسألة الحراسة و في القوانين المحلية أو قوانين الدول العربية للوصول إلى أصل المشكلة وتقديم المقترح لحلها.
ومن هذا المنطلق فقد تم تقسيم هذه الدراسة على ثلاثة فصول ، تناول في الفصل الأول تعريف الحراسة وأنواعها والقوانين المنظمة لمسألة الحراسة في القوانين المحلية والسلطة المختصة بفرض الحراسة وطرق انتهاءها ، ونتناول في الفصل الثاني أهم المشكلات الواقعية لنظام الحراسة القضائية ونتناول في الفصل الثالث الحلول المقترحة للمشكلة
.
..............................................
..........................
............
الفصل الثاني
أهم المشكلات الواقعية لنظام الحارس القضائي
تناقلت الصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة العديد من شكاوى المواطنين والمتقاضين عن معاناتهم من نظام الحراسة القضائية والويلات التي لاقوها من جراء تعرض أموالهم لفرض الحراسة والتي جاءت محصلتها ذهاب أموالهم هباء ، فلم يبقى لهم شيء في نهاية الحراسة يمكن أن يكون مثار منازعة أخرى سوى منازعتهم مع أنفسهم ، وبتقصي هذه المشكلة فقد وجدنا أن للمشكلة عدة أطراف وهم المتقاضين الذي ذهبوا بأرجلهم إلى سـاحة القضاء طالبين تعيين حارس قضائي على المال المتنازع عليه ، ونخص بالذكر في هذا المقام أموال التركات والأموال الشائعة نظراً لما عانا أصحاب هذه الدعاوى من ويلات بسبب وضع أموالهم تحت تصرف الحارس القضائي ، والطرف الثاني في هذه المشكلة هو القاضي الحاكم بفرض الحراسة ( ونظراً لأن المبدأ المستقر عليه أن دور القاضي هو تطبيق القانون فيما يعرض عليه من منازعات فهو رجل الدولة المناط به تطبيق القانون ، ونظراً لأن المواد سالفة الذكر الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بشان تنظيم مسألة الحراسة قد حددت دور القاضي في تعيين الحارس القضائي وتحديد مهامه والإشراف الحقيقي والفعلي على ممارسة الحارس القضائي لأعماله والقيام بعزله ، وحيث أن الشكاوى التي عرضت في مجملها قد أوضحت أن دور القاضي قاصر على التعيين وتحديد المهام دون أدنى دور في مسألة الرقابة والإشراف على عمل الحارس القضائي لأن ما ورد في القانون المدني من مواد موضوعية تنظم مسلة الحراسة لا تسعف القاضي في بسط كامل رقابته على عمل الحارس لخلوها من الجزاء أو نوعية الإشراف ) .. حيث حدث نوع من التقصير من جانب بعض القضاة في القيام بدوره الرقابي والإشرافي على عمل الحارس وترتب على ذلك إطلاق يد الحارس بلا رقيب أو حسيب في الأموال المسلمة إليه وأدى الحال ببعض الحراس إلى التصرف في الأموال لمصلحته الشخصية دون اعتبار لمصلحة أصحاب الحق في المال ، ولجأ البعض الآخر إلى نهب تلك الموال تحت مظلة قانونية سهلت له هذه الأفعال وسببت لأصحاب الأموال الكثير من المعاناة والخسائر الفادحة وضياع أموالهم وحقوقهم ، أما الطرف الثالث من أطراف المشكلة هو القانون الذي يحكم به القاضي ، فالنص القانوني المنظم لمسألة الحراسة القضائية رغم قصوره عن تغطية بعض جوانبها ، إلا أنه جاء فضفاضاً فيما تعلق بمسألة الرقابة والتدقيق في أعمال الحارس القضائي وتأديبه ومحاسبته إذا ما خالف مهمته أو تصرف في أموال الحراسة بوجه غير قانوني أو يحمل شبهة أو مظنة الإضرار بحقوق المتقاضين .
أما الطرف الرابع والأخير والأهم في هذه المشكلة والسبب الأساس فيها هو الحارس القضائي نفسه ، وننوه بداءة إلى أن حديثنا عن أخطاء الحارس القضائي ليست عامة على كل الحراس ، فمنهم من يقوم بواجبه على الوجه الأكمل ، ولكننا نتحدث هنا عمن تسبب في إثارة المشاكل للمتقاضين وهم ينقسمون إلى قسمين : القسم الأول وهم الغير ملمين بطبيعة عمل الحارس القضائي ومهمته والواجب عليه تجاه الحراسة والمال المودع تحت يده فيتصرف بالمال وفقاً لهواه ولحماية مصالحه فقط وينتج عن ذلك ضرر وضياع حقوق المتقاضين ، أما القسم الثاني فهم الملمين بأحكام الحراسة والخبراء بثغراتها ودهاليزها والذين يستغلون الحراسة أسوأ استغلال لتحقيق مآرب شخصية ومنافع خاصة غير مشروعة ويستعملون الحراسة كوسيلة للتربح وأكل أموال الناس بالباطل للدرجة التي يفنى معها المال ويضحى المتقاضون مدينين للحارس بأتعاب مهمته ، فبدلاً من أن يكون أصحاب المال المتنازع عليه طالبين الحماية القضائية لحل مشكلتهم يضحوا مدينين مطاردين بمطالبات الحارس بأتعابه .
وتفصيلاً لما أجملنا نوضح التالي من واقع قضايا تم نظرها في المحاكم ولا تزال الدعوى مستمرة دون أن يبت فيها ، ففي إحدى القضايا حصلت منازعة بين الورثة في قسمة ما خلف لهم عن والدهم الثري المعروف ، فما كان من الورثة الأشقاء إلا أن لجئوا للقضاء لقسمة التركة ووضع حارس عليها نظراً لضخامتها لحين الانتهاء من القسمة وتصفية التركة ، فتم تعيين حارس قضائي لمدة خمس سنوات تقريباً لم ينه خلالها القسمة أو التصفية ، فما كان من الورثة إلا أن طلبوا استبدال الحارس فكان لهم ما طلبوا بعد أن تحصل الحارس الأول على أتعابه والتي قدرت بمبلغ يتكون من أربعة أصفار وطار بها وترك التركة حائرة ، فتولى الحارس الثاني مهمته فوجد التركة وقد تقلصت في بيع عقارات أو منقولات بحجة الصرف على أموال الحراسة واقتضاء الحارس لأتعابه واستمر في أعماله هو الآخر لأكثر من عامين ، فلما طال الأمر بالورثة لم يجدوا بداً من التشكيك في نزاهة الحارس الثاني والإدعاء بأنه يدير الشركة لصالحه الخاص فاستجابت لهم المحكمة وأمرت بعزله ، بالطبع بعد ان استلم نظير ادارته واعماله وهو مبلغ لم يقل كثيرا عن سابقه وتم تعيين خبير ثالث لادارة التركة ولم يكن باحسن حالاً من سابقه ولكنه كان ذو خبرة حقيقة عنهم فأخذ يدير التركة حق الإدارة ويقيد كل فلس يتم صرفه ، ونظراً لان التركة تحتاج لمصاريف إدارية وأعماله تحتاج الى مراسلات ومكاتبات فتم تدوين كل ذلك وتحميله على أموال التركة ، ونظراً لعدم وجود سيولة نقدية يتولى الصرف منها أخذ في بيع عقارات ومنقولات التركة حسب القانون بعد الإعلان عن البيع في الجرائد اليومية بنفقات إعلان وأتعاب خبير مثمن وخلافه فالشئ الذي يباع بألف يباع بمائة وفي المزاد ، والمزاد قانوني ومتحصل على أذن من القضاء بإجرائه وهناك حكم لمرسى المزاد ويتم تسجيل الحكم فالمسألة كلها قانونية ، فلما وجد الورثة أن أموالهم قد تبخرت في الصرف على إدارة التركة لجؤا إلى المحكمة بطلب استبدال الحارس وبالطبع بعد ان ظل ردحاً من الزمن يصفي ويقسم في التركة ويبيع فيها وهكذا الحال ، وبالنظر الى هذه الحالة نجد ان الخطأ قد وقع في جانب أطراف الحراسة الأربع القاضي ، القانون ، الخصوم ، الحارس .
- القاضي لأنه انصاع وراء رغبات المتقاضين في طلبات الاستبدال فلم يكن هناك شخص واحد يمكن مساءلته عما دار بشأن الحراسة فالأعمال مركبة ومتشابكة ولا يستطاع مراقبة الخطأ في جانب من وقع من الحراس المتناوبين ، كما أن المحكمة قد أخطأت في عدم إعمال رقابتها القانونية على عمل الحارس القضائي حتى ترك الامر لما يزيد عن عشر سنوات والتركة في ضياع ولا معقب .
- أما عن خطأ القانون أو المشرع فلعدم النص صراحة على تحديد فترة يجب خلالها ان تنتهي أعمال الحراسة أو التصفية أو تحديد الجزاء الرادع على كل من تسول له نفسه الاستهانة بحقوق الغير وخيانة ما اؤتمن عليه وخلو النص من تحديد صلاحيات الحارس التي لا يجوز له تجاوزها أو أقصى حد يمكن للحارس تقاضيه لقاء قيامه بأعماله ، فبالجملة نقول أن قصور النص القانوني عن ضبط مسألة تنظيم الحراسة قد فتح الباب أمام ذوي النفوس الضعيفة على أكل أموال الناس بالباطل.
- أما عن خطأ المتقاضين فله أكثر من جانب أحدهم أنهم قد تنازعوا في أمر ليس محل منازعة ، فالشارع الحكيم قد حدد الأنصبة الشرعية لكل وارث فلا جدال في ذلك ، وأن اضطر للجوء الى القضاء لحسم الأنصبة ومستحق كل وارث والاضطرار الى وضع الحال تحت الحراسة ، فلتشكل لجنة من الورثة لإدارة المال لحين التصفية سواء بأجر أو دون أجر ويكون لباقي الاطراف الإشراف عليها ، أما الجانب الآخر فهو تحفز كل وارث للآخر وكأنهم أعداء اتفقوا على ألا يتفقوا ، فكل ما يطلبه أحدهم يكون محل اعتراض من الآخر ليس لهدف سوى الاعتراض الغير مبرر فكان مصير التركة هو الضياع وسط الخلافات ، فالشك الذي انتاب النفوس أثر على سلوكيات المتقاضين وأنعكس أثره على التركة .
- أما عن خطأ الحارس ونظراً لأن التركة أو الحراسة قد تناوب عليها ثلاثة حراس فقد لزم بيان خطأ كل منهم ، فالحارس الأول وهو من المشهود لهم بالخبرة والباع الطويل في المسائل المحاسبة لم يعر الأمر أي أهمية للدرجة التي أوصلت التركة لان تكون في محلها طوال فترة حراسته فالأضرار لم تكن كثيرة ولكن خطأه كان أعظم من الخسارة المادية ، فما نسب له من عمل كان بالإمكان إتمامه على أقصى تقدير في سنة واحدة وليس المدة التي استغرقها دون ان يكمل أو يتم أي عمل نسب له ، فما هو الذي يشغله لو ظل الأمر لمائة عام طالما أنه يتقاضى أجره ، فالمهم عنده هو العائد المادي من استمرار الحراسة وليس انتهائها ، ففي استمرارها مكسب له وفي انتهائها انقطاع مصدر رزق وخاصة وأنه من أصحاب الأعمال الحرة .
أما الحارس الثاني فهو كان مخولاً من قبل الورثة قبل أن يعين ، وإذا نظر الى خبرته فيما أنيط به من أعمال نجدها خبرة متواضعة بدليل أنه لم يقدم ولم يؤخر في الامر من شئ رغم أنه قد مارس مهامه بما يزيد عن عامين دون قيمة تذكر والعائد آلاف الدنانير صبت في جيبه بحكم القانون نظير تعيينه كحارس فقط وليس لإتمام أعماله ، فالعبرة بالوقت وليس بالعمل فكلما زاد الوقت زاد العائد والعكس صحيح ، فمن هو المخلوق الذي يكره المكسب ويسعى الى الخسارة طالما أن الأمر لن يكلفه سوى المماطلة وخطاب للمحكمة ورد من المحكمة وخطاب للبنك وانتظار خطاب البنك ومخاطبة هذه الجهة وذاك ، والمحصلة آلاف االدنانير شهرياً تصب في الجيب ، فما أحسنه من عمل ، والخلاصة أن الخبير الثاني لم يكن أهلاً لتولي المهمة .
أما الخبير الثالث فمما لاشك فيه انه خبير بمعنى الكلمة لدرجة أوصلته لتصفية التركة قبل قسمتها فتصرف فيها وكأنه مالك ( شرعي) ، فهو لم يعمل كل شئ إلا بإذن القضاء وبمخاطبات رسمية وطرق قانونية حتى أنه بعد أن قاضاه الخصوم جنائياً حكم ببراءته لقانونية أعماله التي محصلتها بيع أموال التركة بأبخس الأسعار بحماية قانونية ، الخلاصة أن من يعي القانون يستطيع ان يجعل من الدائن مدين في مسائل الحراسات ، كما فعل الحارس الثالث في التركة فجعل منها مدينة له بقيمة أتعابه.

- وزيادة في إيضاح المشكلة نعرض للقضية التالية والتي تتلخص أحداثها في أن محكمة الأمور المستعجلة قد أمرت بوضع تركة أحد الأثرياء تحت الحراسة نظراً لحجب الموروثين لشقيق لهم وارث والتركة تقدر بالملايين سواء كان شركات أو أراضي أو حسابات بنكية ، وتم تعيين مكتب عريق لتولي أعمال الحراسة ، وكان ذلك في عام 2003 وحتى يومنا هذا لم يتول الحارس أعمال الحراسة وذلك ليس لشئ سوى عدم تفهم الحارس للمهمة المناطة به ولا يزال الورثة في حيرة من أمرهم فليومنا هذا لم يتقاض الشقيق الذي حرم من الميراث فلس واحد من تركة والده المقدرة بالملايين ولا موقع قدم من آلاف الامتار المخلفة عن والده .
وفي حالة أخرى وبسبب جهل الحارس قام بغلق مصنع لدرجة أن صدئت معداته وتكلفت إعادة تأهيلها ملايين الدنانير وهي بالطبع خسائر تعرض لها شركاء ما كانوا يتحملوها لو بذل الحارس أدنى عناية بما عهد له بحراسته فمن هو المسئول عن تعويض المتضرر من جراء عمل الحارس ، وفي حالة أخرى قام الحارس القضائي ببيع معدات معمل لاستيفاء أتعابه .
وهذا آخر قام ببيع أموال الحراسة لاقتضاء أتعابه ، وهذا آخر ظلت الحراسة تحت يده لما يزيد عن ثلاثة عشر سنة وهو يحصد ثمارها دون ان يتذوقه أحاب الحق .
فكل هذه معاناة لاقاها المتقاضين والخطأ الأعظم لا يمكن ان ينسب الا للقانون الذي لم يحدد جزاء رادعاً للعابثين بحقوق الناس والذي لم ينظم مسألة الحراسة بتشريع جامع مانع لاي لبس أو غموض والذي يتعين تعديله تصحيحا للأوضاع الراهنة .


الحـلول المقـترحـة
بعد أن عرضنا المشكلة وأبعادها وأطرافها ، فقد كان لزاماً علينا أن نتقدم ببعض الحلول المقترحة لهذه المشكلة سعياً لحلها والعمل على إزالتها من الأساس ، وقد تراءى لنا من وجهة نظرنا وبعد الاجتماع بالعديد من الأطراف المعنية وذات العلاقة بهذه المشكلة أن حلها يكمن في النقاط التالية :-
1- إنشاء جهة حكومية تابعة لوزارة العدل لتولي أعمال الحراسات القضائية .
2- تعديل مواد القانون المنظمة لمسألة الحراسة أو إصدار قانون خاص ينظم هذه المسألة .
3- تفعيل دور المحاكم الرقابي .
4- تعددية جهات الرقابة على أعمال الحارس القضائي .
5- إشراك أطراف الخصومة في إدارة أعمال الحراسة وأعمال التصرف .
وبياناً لما أجملنا نوضح التالي :-
أولاً : إنشاء جهة حكومية تابعة لوزارة العدل :-
في كثير من الدول التي سبقتنا في نهضتنا القانونية والتي تنظر محكمة واحدة من محاكمها عدد قضايا في اليوم الواحد ما تنظره جميع محاكمنا في شهر كامل أناط تشريع هذه الدول بجهة حكومية يتولى شئون إدارة الحراسات القضائية ، وهي جهة حكومية تابعة لوزارة العدل وإن كانت جهة مستقلة لها تنظيمها الإداري الخاص المستقل عن القضاء إلا أنها جهة ذات خبرة في شتى المسائل الحياتية محاسبية وفنية وإدارية وغيرها من المسائل ويكون موظفو هذه الهيئة موظفين حكوميين لا يتقاضون سوى رواتبهم من الدولة ولا يتقاضون أي أتعاب من الحراسات أو من أي أطراف من الخصومة للدرجة التي تجعل الموظف ينأى بنفسه عن شرب قطرة ماء يجلبها له أي طرف من أطراف النزاع خشية مظنة السوء به وهذا هو المطلوب في الجهة التي تتولى أعمال إدارة الحراسات التي تؤكل أموالها بالباطل بواسطة المستقل حالياً .
فلو أننا في مملكتنا الحبيبة قد مشينا في درب هذه الدول واستقينا من علمها وبدأنا بما انتهوا إليه ولاعيب في ذلك ، إذ أن النهضة لا تكون إلا بالبـدء من حيث انتهى الآخرون ، فإذا تم إنشاء إدارة تسمى إدارة الحراسات القضائية والقانونية أو أي مسمى آخر فلن يكون الاسم هو العقبة في هذا الطريق الإصلاحي المبارك بمشيئة الله ، يتم تعيين مجموعة من أكفأ الخبرات في هذه الإدارة براتب شهري مجزي ويعهد إلى هذه الإدارة بتولى أعمال الحراسات القضائية أو الحراسات القانونية والتي نظمتها التشريعات القانونية ذات العلاقة ، فبذلك لن يكون هناك ثمة مظنة بأن الحارس المعين سوف يدير أموال الحراسة بغرض النفع الشخصي أو التربح من وراءها ولن يكون هدفه هو إطالة مدة الحراسة لأبعد مدى ممكن لجني ثمارها وقبض مدخول شهري من وراء ذلك ، فالمصلحة الشخصية ومظنة التربح سوف تتلاشى تماماً ، فسواء طالت مدة الحراسة أم قصرت أم لم تكن هناك حراسات من الأصل فالحال واحد عند الموظف الذي عليه تأدية عمله وحسب ومدخوله مضمون من قبل الدولة مما تأمنه له من راتب ، بل أن الحارس ( الموظف ) سوف يسعى جاهداً لإنهاء أعمال الحراسة في أقرب وقت ممكن ففي ذلك صالحه لأنه كلما طالت المدة كلما زاد العبء عليه ، فلو تصورنا محدودية عدد العاملين في هذه الجهة الحكومية مع زيادة عدد قضايا الحراسات التي يعهد إليهم بها فسوف يزداد نصيب الفرد من العمل إذا ما تلكأ في عمله فمصلحته تقتضي إنهاء مهمته بأسرع وقت كي يتفرغ للمهمة الجديدة ، فما بالنا لو منح الموظف مكافأة إنجاز فسوف يكون الدافع أكبر ومصلحته متحققة في الإنجاز ، أما إذا أضيف إلى ذلك مسئولية الموظف المنتدب أمام رئيسه المباشر ومتابعة أعماله من قبل هذا الرئيس ، وهو الأمر الذي تتحقق معه الرقابة الإدارية على عمل الحارس من قبل الرئيس المباشر ثم مسئولية الاثنين الحارس ورئيسه أمام الرئيس الأعلى للجهة الحكومية المقترح تأسيسها ، فإننا سوف نكون أمام نموذج صارم من أعمال الرقابة والإشراف تجعل من الشخص المعين لتولي أعمال الحراسة (الموظف الحكومي) مثالاً في الدقة والإخلاص في مزاولة عمله ، فهو إن أصاب كان محلاً للمكافأة وأن اخطأ كان محلاً للمسألة الإدارية التي يسبقها إشراف ورقابة بالطبع سوف تبعد الموظف عن المسألة الإدارية لعدم تصورها إلا إذا أرتكب خطأ جسيم ، فمبدأ الثواب والعقاب موجود ومبدأ الرقابة والإشراف موجود وهوا ما يجعل من العمل المنجز في أحسن ما يكون وهو الأمر الذي نصبوا إليه جميعاً .
وعليه فإن إنشاء جهة حكومية تتولى أعمال الحراسات القضائية أو القانونية أحد الحلول العملية لمشكلة الحراسات القضائية في مملكتنا الغالية .

ثانياً : تعديل مواد القانون المنظمة لمسألة الحراسة أو إصدار قانون خاص بتنظيمها :-
الاقتراح الثاني في دراستنا هذه هو اقتراح بتعديل مواد القانون المنظمة لمسألة الحراسة أو إصدار قانون خاص بتنظيمها ، ولا نقصد بذلك كل المواد التي تنظم مسألة الحراسة ولكن فقط المواد الإجرائية دون المواد الموضوعية ، فمن خلال إطلاعنا على مواد القانون التي تنظم مسألة الحراسة في القوانين البحرينية والتي سبق لنا بيانها في الفصل الأول من هذه الدراسة وجدنا أن القصور هو سمة هذه المواد مقارنة بتشريعات دول الجوار التي يجب علينا مراعاتها ومسايرة ركب التطور في كافة المجالات وأهمها النهضة التشريعية ، فالقوانين في الدول الحديثة هي التي تنظم شتى مسائل الحياة ، فالتشريع الجامع المانع هو الذي ييسر سبل العيش ويحقق الاستقرار سواء كان للوطن أو المقيم أو المستثمر على السواء ، فالاستقرار القانوني هو غاية الوصول للكمال في الدولة الحديثة العصرية ذات النهضة وهو ما تشهده مملكتنا في هذه الحقبة الزمنية ، وانطلاقاً من هذا التطور فقد رأينا تعديل المواد القانونية المنظمة لمسألة الحراسات القضائية لتكون على النحو التالي :-

1- تعريف تشريعي للحارس القضائي والحراسة القضائية والأموال التي تخضع لوضعها تحت الحراسة على أن يكون هذا التعريف تعريفاً جامعاً مانعاً لا لبس فيه ولا غموض سواء للقاضين أو المتقاضين بما ييسر للجميع المعرفة التامة بهذه الأمور.

2- أن يكون الأصل في تعيين شخص الحارس اتفاقياً والاستثناء من ذلك هو تعيينه من قبل القاضي في حالة عدم الاتفاق بين المتخاصمين على أن تحدد مهلة زمنية لاتفاق الخصوم بعدها يكون للمحكمة تعيين الحارس دون ثمة اعتراض من قبل المتخاصمين على شخص الحارس .
3- أن يتضمن الحكم الصادر بفرض الحراسة تحديد الفترة الزمنية الواجب على الحارس أداء مهمته خلالها مع وضع عقوبة لمخالفة ذلك أسوة بما ورد في قانون الإثبات في باب الخبرة .
4- أن يوضح الحكم الصادر بتعيين الحارس مهمته المناطة به والتزاماته الواجبة عليه وحقوقه على وجه تفصيلي مانع للبس أو الغموض أو التأويل على نحو ما جاء في قانون الإثبات في باب الخبرة .
5- أن تقتصر مهمتة الحارس القضائي على أعمال الإدارة دون أعمال التصرف إلا بنص خاص في القانون ، وأن يقوم الحارس بأعمال الإدارة بنفسه ولا ينيب فيها غيره دون تصريح من المحكمة ورضاء أصحاب الشان .
6- أن يتضمن القانون النص على عدم إعطاء الحارس القضائي السلطة في مباشرة أعمال التصرف دون موافقة الخصوم وتحت إشراف المحكمة مراعاة لصالح الخصوم ومنعاً لشبهة الاستغلال للمصلحة الشخصية أو مظنة السوء .
7- وجوب النص على إلزام الحارس بتقديم حساب دوري مفصل عن أعماله للمحكمة وعرضه على الخصوم لإبداء رأيهم فيه خلال أجل تحدده المحكمة ويكون للخصوم مناقشة الحارس في جميع ما ورد بهذا التقرير .
8- وجوب النص على مسؤولية الحارس المدنية والجنائية والتأديبية عن الأخطاء في الإدارة وما يسببه للخصوم من ضرر .
ثالثاً : تفعيل دور القاضي الرقابي :-
لما كان هدفنا من هذه الدراسة هو تقديم أفضل الحلول والمقترحات لحل مشكلة الحراسات القضائية والتخفيف من معاناة المتقاضين ، لذا فقد ارتأينا تقديم أكثر من مقترح لحل هذه المشكلة ، وثالث الحلول المقترحة هو تفعيل دور القاضي الرقابي ، ويتمثل هذا الحل في أنه في حالة عدم قبول مقترحاتنا السابقة ، فلم يبق أمامنا سوى الاعتراف بالمشكلة والعمل على حلها بكافة الإمكانيات المتاحة مع بقاء الأوضاع على ما هي عليه ، ونظراً لأن القضاء هو القلعة التي يأوى إليها كل ذي خصومة أو مظلمة فقد رأينا أن أحد الحلول التي يمكن اللجوء إليها هو تفعيل دور القاضي الرقابي ويكون ذلك من خلال توجيه رسالة من هذا المنبر إلى سعادة رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة التمييز لاتخاذ الإجراءات اللازمة وإصدار التعليمات الكفيلة بتفعيل دور المحاكم في التدقيق على أعمال الحارس القضائي ، ومن وجهة نظرنا فإن هذا الإجراء يلزمه بعض المقدمات يكون من أولها تنقيح جدول الخبراء من كل من حامت حوله الشبهات والبقاء على من شهد له بالمصداقية والنزاهة في إدارته الحسنة لأموال الحراسات وبذلك نكون قد بعدنا عن مواطن الشبهات في شخص متولي إدارة الحراسة .
وثاني هذه الأمور أو أحدها هو إنشاء جدول خاص من فئة الخبراء المشهود لهم بالنزاهة لتولي أعمال الحراسات مع مرونة اتخاذ القرار بتنحية من تحوم حوله الشبهات – مجرد شبهات – ليكون مبدأ الشبهة هو المعيار في استبعاد الحارس وليس ثبوت القصور وبذلك نضمن توخي الحارس للحذر والحيطة في جميع ما يقوم به من أعمال لأنهه بذلك سوف يكون رقيباً على نفسه قبل أن تكون المحكمة أو الخصوم رقباء عليه .
وثالث الأمور التي يجب مراعاتها في هذا المجال توخي الدقة في الحكم القاضي بتعيين الحارس القضائي من حيث تحديد صلاحيات الحارس ومهمته على نحو جامع لكافة ما يناط بالحارس القيام به مانع لأي لبس أو غموض أو إبهام في فهم الحارس أو الخصوم لحدود لمهمة الأول مع تحديد أجل محدد لقيام الحارس بإنهاء مهمته وإلزامه بتقديم كشف تفصيلي عن أعمال إدارته ومنعه من أعمال التصرف إلا ما استثنى بحكم من القضاء وبإقرار من الخصوم ، مع إشراك الحكم للخصوم في الإشراف على أعمال الحارس كي يكونوا على بينة من أعمال الحارس أولاً بأول ولا يكون هناك مظنة انفراد الحارس بأعمال الحراسة دون رقابة وبذلك نضمن الرقابة السابقة واللاحقة على أعمال الحارس ، وإلزاما الحارس بتقديم تقرير دوري مفصل عن أعماله التي قام بها وذلك للمحكمة التي قامت بندبه وتمكين هذه المحكمة للخصوم من الإطلاع على هذا التقرير وإبداء ملاحظاتهم واعتراضاتهم عليه .
ورابع الأمور التي يجب مراعاتها لتحقيق تفعيل دور القاضي الرقابي هو عدم المغالاة في أتعاب الحارس القضائي وتحديد حد لا يجوز للحارس تجاوزه في المصاريف الإدارية ونفقات الحراسة وأن تكون جميع تقديراته خاضعة لإشراف المحكمة والخصوم وأن تراعي المحاكم المعقولية في تقدير أتعاب الحارس وإلا تصرف له هذه الأتعاب إلا بعد إبراء ذمته ، فبكل هذه الأمور نستطيع تحقيق تفعيل دور المحاكم في الرقابة على أعمال
الحارس القضائي .
رابعاً : تعددية جهات الرقابة :-
انطلاقاً مما انتهينا إليه في عرضنا السابق ، فلو أنه قد تم إشراك الخصوم في أعمال الإدارة مع الحارس لتكون مأمورية الأخير هي مراقبة أعمال إدارة الخصوم لأموالهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة والقيام بما لا يستطيع الخصوم به ، وبمعنى آخر صدور حكم من المحكمة يعطي الخصوم الحق في القيام ببعض أعمال الإدارة التي لا تكون مثار خلاف أو جدل أو مظنة استغلال من حدهم للآخر وأن يناط بالخبير الإشراف على أعمال إدارة الخصوم لأموالهم ، ثم يناط بالخبير القيام بأعمال الإدارة التي تتطلب صفة خاصة أو إدارة الأموال التي تكون مثار منازعة بحسب طبيعة المال الموضوع تحت الحراسة لكل حالة على حدة مع إعطاء الحق للشركاء أو الخصوم في الاشتراك مع الحارس في القيام بإدارة هذه الأعمال أو الإشراف على عمل الحارس ويكون الجميع بذلك مشتركون في القيام بأعمال الإدارة وخاضعون بالطبع لإشراف ورقابة المحكمة ، فإذا ما تم ذلك فسوف يحرص الجميع على توخي الحذر والحيطة ولن تكون هناك مظنة السوء عند أي طرف من الأطراف وهذا هو الأمل المنشود










رد مع اقتباس