منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحراسة القضائية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-01-14, 00:24   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 المبحث الأول

المبحث الأول
مفهوم الحراسة القضائية وأركانها القانونية

توضيح الشيء ورسم ملامحه ضمن صورة شاملة ومتكاملة من اجل إدراكه واستيعابه ، يقتضي التطرق إلى تحديد مفهومه والأركان التي يقوم ويستند عليها،وتبعا لذلك سوف نتناول هذين العنصرين بالنسبة للحراسة القضائية وبصورة مختصرة يغلب عليها الإيجاز المفيد بالتطرق وفقا للمواد الموضوعية المنصوص عليها في القانون المدني ضمن مطلبين ، المطلب الأول نخصصه لتحديد مفهوم الحراسة القضائية من خلال بيان تعريفها، وتحديد طبيعتها القانونية ،وذكر الخصائص التي تتميز بها ،أما المطلب الثاني نخصصه لاستعراض أركانها القانونية المتمثلة في المحل والسند المنشئ لها والحارس القضائــي .

المطلب الأول
مــــفهـــوم الحراسة القضــــــــائية

أ- تعريف الحراسة القضائية

نتناول في هذا العنصر تعريف الحراسة القضائية لغويا و قانونيا دون التطرق إلى تعريف الفقه لها وذلك لصعوبــة إجماعه على تعريف موحـد.

1- التعريف اللغوي:

الحراسة من الفعل حَرَس َ, ومعناه (1):
1 ـ الحفظ : حرس الشيء حفظه .
2 ـ التحرز : تحرست من فلان واحترست منه أي تحرزت منه .
والحرس بالفتحتين حرس السلطان ، وهم الحراس والواحد منهم حرسي لأنه صار اسم جنس فنسب إليه، ولا يقال حارس إلا بالذهاب إلى معنى الحراسة دون الجنس .

فالحراسة: متضمنة لمعنى الحفظ للشيء ورعايته لأنها داخلة فيه، فالحفظ يكون من المفسدات الخارجية وهو بمعنى الحماية،والرعاية تكون بالحفظ من المفسدات الداخلية وهي بمعنى القيام بما يصلح الشيء ويضمن استمرار يته. (2)

القضائية بمعنى مصدرها القضاء أي أن القاضي هو من يضع الحارس ، وفائدة هذا القيد لتمييزها عن الحراسة الاتفاقية التي منشؤها اتفاق الخصوم والحراسة القانونية التي تنشا نتيجة قانون خاص يحكمها (3)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- تاج العروس ج 4 ص 126/ لسان العرب ج6 ص48/مختار الصحاح ج1 ص55
(2) و(3) الأستاذ خالد بن سعود بن عبد الله رشود - الحراسة القضائية في نظام المرافعات الشرعية-

2- التعريف القانوني:

نص المشرع الجزائري على الحراسة القضائية في المادة 603 من القانون المدني كالتالي : (يجوز للقاضي أن يأمر بالحراسة في الأحوال المشار إليها في المادة 602 إذا لم يتفق ذوو الشأن على الحراسة ، إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه ، في الأحوال الأخرى المنصوص عليها في القانون)
وقد نص في المادة 602 على الحراسة الاتفاقية كالتالي: الحراسة الاتفاقية هو إيداع شيء متنازع فيه من طرف شخص أو عدة أشخاص بين يدي شخص آخر يلتزم بإعادته بعد فض المنازعة إلى الشخص الذي يثبت له الحق فيه“

وهكذا فان المشرع الجزائري لجأ إلى تعريف الحراسة الاتفاقية دون الحراسة القضائية التي اقتصر على تحديد و حصر نطاق فرضها ،معتبرا قيامها على نفس العناصر التي تقوم عليها الحراسة الاتفاقية ما عدا اختلافهما من حيث مصدر النشأة وحالة الاستعجال التي تتميز بها الحراسة القضائية،سالكا بذلك مسلك المشرع المصري (1).وتبعا لذلك يمكن تسجيل بعض الملاحظات على تعريف الحراسة سواء الاتفاقية منها أو القضائية ذكرها الأستاذ خالد بن سعود بن عبد الله رشود في كتابه الحراسة القضائية في نظام المرافعات الشرعية عند تطرقه لمسألة تعريفها: :
1- ورود مصطلح" شيء" في التعريف يدخل فيه كل ما يطلق عليه شيء سواء أكان مالا أو غير مال مع أن الحراسة لا تصح إلا على الأموال .
2- انه لم يبين صفة الشخص المودع عنده مع أن لفظ الإيداع توحي بكونها مثل الوديعة لدى المودع عنده والوديعة تكون عند أمين ولكن هذا لا يدل عليه المنطوق ،والتعاريف لابد فيها من الوضوح وأن تكون جامعة مانعة.
3- عمل الحراسة ليس فقط وضع اليد على المال الذي يراد حراسته ، بل لابد من التنصيص على الحفظ ،ويكون هذا الحفظ على وجه الحماية من الضرر الخارجي كما يكون برعاية المال وصونه من التلف الداخلي الناتج عن الإهمال وهذا داخل في تنميته وضمان حسن سير عمله أوسير العمل فيه إن كان غير ذلك وهذا قدر زائد على مجرد وضع اليد .
4- أنه ذكر أحد أسباب وضع الحراسة وهو وجود التنازع على المال في حين أنه يجوز وضع الحراسة عند الخوف من وقوع التنازع.
5- كما أنه لم يوضح طبيعة العلاقة التي تربط بين المودع سواء كان الأطراف أو القضاء وبين الشخص الذي يودع لديه المال الذي يراد حراسته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1)- عرف القانون المدني المصري الحراسة في صورتها الاتفاقية على أنها عقد يعهد بمقتضاه الطرفان المتنازعان إلى آخر بمال ليقوم بحفظه وإدارته على أن يرده مع غلته إلى من يكون له الحق فيه ، ثم لجأ إلى تحديد نطاق فرض الحراسة القضائية في المادة التي تليها دون إيراد تعريف محدد لها.

وتبعته في ذلك التشريعات العربية الأخرى كقانون الالتزامات والعقود المغربي في مادته 818 الذي اعتبر الحراسة على أنها إيداع شيء متنازع عليه بين يدي أحد من الغير و أنه يجوز أن ترد على المنقولات أو العقارات.

و القانون المدني الأردني في المادة 894 منه التي تنص على أن الحراسة عقد يعهد بمقتضاه الطرفان المتنازعان إلى آخر بمال ليقوم بحفظه وإدارته على أن يرده مع غلته إلى من يكون له الحق فيه

و قانون الموجبات والعقود اللبناني في المادة 719 على انه إيداع شيء متنازع عليه بين يدي شخص ثالث ،ويجوز أن يكون موضوع الحراسة أموال منقولة أوثابتة.

ومع ذلك نجد مثل التشريع اليمني قد عبر صراحة على أن الحراسة القضائية إجراء تحفظي يأمر به القاضي المختص في الأحوال المنصوص عليها في القانــون جاعلا من قاضي الاستعجالات أحد القضاة المختصين بفرضها ، والمشرع الكويتي الذي اعتبرها إجراء يختص بفرضه قاضي الاستعجالات بناء على طلب ذوي الشأن بتعيين حارس قضائي على الأموال المحجوزة أو التي يقوم بشأنها نزاع ويكون الحق فيه غير ثابت ويتهددها خطر عاجل ييتكفل بحفظها وإدارتها مع تقديم حساب عنها إلى من يثبت له الحق فيها تحت أشراف المحكمة .
ومن أجل ذلك اقترح تعريفا للحراسة القضائية كما يلي "إنابة القضاء أمينا يتولى حفظ مال متنازع عليه أو يخاف التنازع فيه على وجه الحماية والرعاية" شارحا إياه كالتالي:

إنابة: وذلك لبيان أن سلطة الحارس فرع عن سلطة أخرى وليست مستقلة فهي في الحقيقة وكالة تتحدد بما يرد فيها ولا يجوز له التجاوز والزيادة على ما أنيب فيه ،ويترتب على هذا أمور الأول: محاسبة الحارس في حدود صلاحياته التي أنيب فيها من جهتين :الأولى :عدم تجاوز هذه الصلاحيات .والثانية القيام بهذه الصلاحيات كما يجب وعدم الإخلال فيها.الثاني: أن على المنيب تحديد صلاحيات النائب بالتعميم أو التخصيص ولا يجوز الإطلاق لأنه نوع من التجهيل ،مثال التعميم : أن يقال للحارس أن يقوم بجميع الأعمال المختصة بتسيير عمل الشركة ريثما يبت في شأن الحصص المتنازع عليها ، ومثال التخصيص :تتمة للمثال السابق :عدا إنشاء عقود جديدة ترتب التزامات على الشركة ،ومثال الإطلاق كالقول:يعين فلان حارسا على الشركة الفلانية .الثالث:في صفة الحارس القضائي والشروط الواجب توافرها فيه فان مقتضى كونه نائبا عن القضاء يترتب عليه شروط معينة كالأمانة والخبرة والعدالة.

القضاء : وذلك لإخراج الحراسة الاتفاقية والقانونية

أمينا : وهو الحارس القضائي الذي يشترط فيه الأمانة ،وذكرت صفة الحارس في التعريف ،وذلك لان الحراسة القضائية هي أساسا عمل والعمل لابد له من عامل ،كما أن مرتكز الحراسة القضائية هو على من يقوم بها فلا يصح التعريف من دون التطرق له ،كما أن لفظ الأمين ترتب عليه عدم محاسبته على الخسارة أو الضياع أو الهلاك إلا بالتعدي أو التفريط .
يتولى : وذلك كما قلنا أن الحراسة في الواقع إنابة وتولية من القضاء إلى الحارس ،فبناء عليه لا يحق للحارس تجاوز صلاحياته الممنوحة له ممن ولاه ،ولا يعد هذا تكرارا لما دل عليه لفظ(إنابة) وذلك أن لفظ (إنابة )هو باعتبار الجهة المنيبة ولفظ التولية باعتبار الجهة المستنابة فافترقا لذلك .

حفظ مال متنازع عليه أو يخاف وقوع التنازع فيه:وهذا هو صلب الحراسة وهو الحفظ ،وذكر في التعريف ما يصح أن تقع عليه الحراسة وهو المال لإخراج ما ليس بمال فلا يجوز فرض الحراسة عليه ،كما ذكر فيه أسباب فرض الحراسة القضائية وهو وجود التنازع أو الخوف من التنازع فيه نتيجة استيلاء أحد الأطراف على المال أو أن هناك تصرفا مطلقا قد يؤدي إلى وقوع ضرر على المال المشترك .
على وجه الحماية والرعاية : أي على وجه الحماية من الضرر الخارجي فيمنع التسلط على هذا المال بالإفساد أو الإيذاء أو الانتقاص ،ويكون برعاية المال وصونه من التلف الداخلي الناتج عن الإهمال.

وحسب اعتقادنا أن هذا التعريف أقرب من غيره إلى الوضوح إلا انه ما يمكن ملاحظته عليه هو عدم تطرقه إلى عنصر التزام الحارس القضائي بإعادة المال الموضوع رهن حراسته إلى من يثبت له الحق حتى يفهم من وراء ذلك على أن هذه الحماية تحفظية مؤقتة لا تمس أصل الحق وعليه مع أمكانية إضافة هذا العنصر إلى التعريف المقترح يصبح كالتالي : الحراسة القضائية "إنابة القضاء حارسا يتولى حفظ مال متنازع عليه أو يخاف التنازع فيه على وجه الحماية والرعاية مع إعادته بعد فض المنازعة إلى الشخص الذي يثبت له الحق فيه ".


ب- الطبيعة القانونية للحراسة القضائية :

تبعا لما ورد في التعريف يظهر أن الغاية الأولى من تشريع الحراسة القضائية هو صيانة المال وإدارته بشكل تتحقق به المصلحة ،يسعى إلى تحقيقها الحارس القضائي،ومن ثم تظهر أهمية تحديد الطبيعة القانونية لهذا الدور المنوط به هذا الأخير من اجل معرفة النطاق الذي يمكن ضبط صلاحياته ضمنها ومن ثم تحديد نطاق مسؤوليته المترتبة عن الإخلال بها.

بمعنى هل أن الحارس القضائي نائب قضائي على المال موضوع رهن حراسته ينفذ قرارا قضائيا وتبعا لذلك فنيابته قضائية , أم أنه نائب عن الأصلاء بموجب عقد تم فيه إنابة القضاء على فرض الحراسة القضائية وتبعا لذلك فنيابته عقدية ؟

ولاسيما أن المشرع الجزائري أورد الحراسة بصفة عامة إلى جانب عقد الوديعة وعقد الوكالة ضمن العقود الواردة على عمل ولكن دون أن يتطرق إلى تحديد طبيعتها القانونية كما فعل معهما، واكتفى بتعريف صورتها الاتفاقية دون أن يشير إلى أنها عقد كما فعل المشرع المصري ثم انتقل ليعدد الحالات التي يمكن للقضاء أن يأمر بت،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى نجده في المادة 605 من القانون المدني ينص على إمكانية تطبيق أحكام الوديعة والوكالة بالنسبة إلى التزامات وحقوق الحارس القضائي في حالة صدور الحكم القاضي بفرضها خاليا من ذكرها ،مما يوحي أن هناك تشابه وتقارب من حيث الطبيعة والأحكام بينه وبين كل من عقد الوديعة وعقد الوكالة .

ولأجل معالجة هذه المسألة ،ارتأينا في البداية أن نعرض نظرة الفقه لها مع إبداء وجهة نظرنا ثم في نقطة ثانية نبرز أهم ما يميز الحراسة القضائية عن مختلف العقود والأنظمة التي قد تتشابه معها

1- نظرة الفقه للطبيعة القانونية للحراسة القضائية :

◄ الاتجاه الأول : الحراسة القضائية هي عقد من العقود.
أصحاب هذا الرأي يعدون الحراسة القضائية عقد كما هو الحال في الوكالة أو الوديعة ؛ ذلك أن القاضي حال النزاع يملك وضع اليد على المال بما له من ولاية عامة يعد بموجبها نائبا عن أرباب الأموال ، وله في هذا الدور التعاقد مع الغير لإدارة المال ، فالحارس في هذه الحال إما وكيل عن القاضي النائب عن أرباب الأموال ، وإما وكيل عن أ رباب الأموال بأمر القاضي أو كما هو الحال في عقد الوديعة الذي يعهد بموجبه إلى شخص بمال يحفظه ويرده عند انتهاء العقد ولكنها وديعة تتميز بخصائص معينة وأنها صورة خاصة من صور الوديعة .(1)

◄ الاتجاه الثاني : الحراسة القضائية هي نيابة
وبناء على هذا الاتجاه فالحراسة القضائية ليست مجرد عقد إيداع , ولا يعد المال مجرد وديعة عند الحارس القضائي , كما أن الحارس القضائي ليس وكيلا عن الأصلاء في تصريف أمور المال محل النزاع , وهذا بالرغم من أخذ الحراسة القضائية من صفات الوديعـة وبعض صفات الوكالـة إلا أن القضاء هو الذي يفرضها وليس اتفاق ذوي الشأن والحارس يصبح بمجرد تعيينه وبحكم القانون نائبا (2) إذ يعطيه القانون سلطة في إدارة الأموال الموضوعة تحت حراسته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
1- اعتبر المشرع الفرنسي الحراسة القضائية وديعة
2- عز الدين الدناصوري وحامد عكاز القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ ص 653
والنيابة كقاعدة عامة يكون بموجبها للنائب أن يتصرف في المال أو يديره وتنصرف أثار تصرفه و إدارته إلى الأصيل.
والنيابة إما أن تكون قانونية كالولي الشرعي الذي اعتبره القانون ممثلا للقاصر، وإما أن تكون قضائية وهي التي يعين فيها القاضي النائب لأداء عمل معين كالإدارة أو التصرف مثل الوصي و القيم والنائب عن الغائب والسنديك والحارس القضائي ويحدد القانون سلطات واختصاص كل منهم على حدى ويجوز للقاضي في حالة النيابة القضائية أن يحد من تلك الصلاحيات أو يحددها عند تعيينه للنائب ولا يجوزللنائب أن يتجاوز تلك الحدود إلا إذا عاد للقاضي الذي عينه ليستأذنه في العمل المطلوب (1).

◄الاتجاه الثالث :الحراسة القضائية هي إجراء تحفظي مؤقت (2)
هناك من اعتبر الحراسة القضائية إجراء قضائي تحفظي مؤقت لا يمس أصل الحق بمعنى أن القرار القضائي المتعلق بوضع مال ما تحت الحراسة القضائية ما هو إلا تدبير وإجراء قائم على الضرورة المقدرة من قبل الجهة القضائية المختصة سعيا للمحافظة على المال موضوع الحراسة وحفظ مصالح أصحاب الحقوق المتعلقة به، بصفة مؤقتة إلى غاية زوال الضرورة وانتهاء النزاع القائم بشأنه،ومن ثم فهو لا يتعرض إلى أصل الحق محل الحراسة .

وهكذا نجد أن الفقه يظهر اختلافه فيإطار القانون الحراسة القضائية بين العقد ،والنيابة ،والإجراء ،ونحن نعتقد تبعا لذلك أن الاتجاه الذي يرى من الحارس القضائي في أدائه للمهام المنوط بها بموجب أمر القضاء نائبا قضائيا وقانونيا أقرب إلى الصواب ،إذ القضاء هو الذي يسبغ عليه صفته فلا تؤول إليه صفة النيابة إلا بمقتضى حكم منه وهو الذي يتولى في الغالب تحديد نطاق سلطته وفقا لنصوص القانون كما أن الحارس يعمل تحت إشراف القاضي الذي عينه ويقدم له حسابا عن مهام الحراسة كل فترة يقضي بذلك الحكم.أما النيابة القانونية فهي تمارس في إطار القانون هو الذي يحدد النطاق الذي تمارس فيه الحراسة بصفة عامة وهو الذي يبين حالاتها ويوضح أركانها وآثارها .

2- تميز الحراسة القضائية عن العقود والأنظمة المشابهة لها:
تبعا للفكرة السابقة ولأجل استيضاحها يجدر بنا أن نعرج إلى ما يميز الحراسة القضائية عن تلك العقود والأنظمة التي قد تتشابه معها بدءا بالوديعة والوكالة إلى المنع من التصرف ،وطرق التنفيذ الجبري، وإدارة المال الشائع،والتحكيم .

◄ الحراسة القضائيـة والوديعـة:
الحراسة تكون في الأصل على الأشياء المتنازع عليها بخلاف الوديعة ، والحراسة قد تكون اتفاقية أو قضائية ،بل إن الحراسة القضائية هي التي يغلب وقوعها في العمل ،و إذا أطلقت الحراسة انصرفت إليها ،إذ يندر وقوع الحراسة الاتفاقية ، أما الوديعة فلا تكون إلا اتفاقية ،ويغلب أن تقع الحراسة على العقار وان جاز وقوعها على المنقول ،أما الوديعة فيغلب وقوعها على المنقول ،وان كان يجوز وقوعها على العقار . والحراسة تكون في الأصل بأجر ،وان صح أن تكون بدون أجر، أما الوديعة فتكون في الأصل بغير اجر ،وان صح ان تكون باجر زهيد .وفي الحراسة يكلف الحارس بإدارة المال الموضوع تحت حراسته، أما في الوديعة فيقتصر المودع عنده على حفظ المال دون إدارته وان كان يصح أن يؤذن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1)عز الدين الدناصوري و حامد عكاز .(المرجع السابق
(2)- الدكتور رضا محمد عبد السلام - النظرية العامة للحراسة في القانون المدني دار الجامعة الجديدة 2007 : هو رأي أجمع فيه الخصائص التي تتميز بها الحراسة القضائية

له في استعماله ، وفي الحراسة يلتزم الحارس في الأصل بالاستمرار في الحراسة إلى أن تنتهي ،أما الوديعة فيجوز في الأصل أن يرد المودع عنده الوديعة قبل انتهاء العقد ، وفي الحراسة يرد الحارس المال لمن يثبت له الحق فيه وهو غير معروف عند بدأ الحراسة، أما في الوديعة فيرد المودع عنده المال إلى المودع بمجرد أن يطلبه هذا الأخير (1)

◄ الحراسة القضائية والوكالـة: في الحراسة يقوم الحارس بإدارة المال وليس له في الأصل أن يتصرف فيه أما في الوكالة فالوكيل قد يوكل في الإدارة وقد يوكل في التصرف وفي التبرع وفي سائر التصرفات القانونية .وحتى إذا اقتصرت الوكالة على الإدارة فالأصل في الحراسة أن يحفظ الحارس المال وإدارته له تأتي تبعا للحفظ أما في الوكالة فالأصل أن يدير الوكيل المال وحفظه إياه يأتي تبعا للإدارة وفي الحراسة يتقاضى الحارس في الأصل أجرا مجزيا ومن ثم تكون الحراسة غالبا من عقود المضاربة إما في الوكالة فالأصل ألا يتقاضى الوكيل أجرا أو يتقاضى أجرا لا يقصد من ورائه الربح فالوكالة ليست من عقود المضاربة – و إذا تقاضى كل من الحارس والوكيل أجرا فاجر الحارس لا يجوز تعديله أما اجر الوكيل فيجوز إنقاصه أو زيادته – والحارس في بدا الحراسة لا يعلم لمن يرد المال إذ هو ملتزم برده لمن يثبت له الحق فيه أما الوكيل فيعلم منذ البداية انه ملزم برد المال للموكل ولا تنتهي الحراسة بموت من يثبت له الحق في المال بل يحل ورثته محله وتنتهي الوكالة في الأصل بموت الموكل(2)

◄ الحراسة القضائية والمنع من التصرف :
المنع من التصرف مؤداه غل يد صاحب الحق عن إجراء أي تصرف على هذا الحق حتى ولو كان من قبيل الفعل النافع وقد تبدو فكرة العقاب في المنع من التصرف كإجراء وقائي خصوصا في الحراسة الإدارية أو القانونية التي تفرضها السلطات في نطاق أحكام قانون الطوارئ أو القوانين الاستثنائية بل وقد يكون المنع من التصرف بمقتضى قرارات تصدرها النيابة العامة كما في بعض الجرائم خصوصا إذا كان المال متحصلا من جريمة وهذا ما يميزه عن الحراسة التي وان كانت تنتهي في كثير من الأحيان إلى منع صاحب المال من التصرف متى فرضت عليه الحراسة إلا أنها لا تبدو فيها فكرة التحفظ أو العقاب أو الاعتبارات السياسية .(3)

◄الحراسة القضائية وطرق التنفيذ الجبري :
الأصل أن الحراسة ليست وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري على المدين الممتنع عن الوفاء وذلك لان طرق التنفيذ الجبري قد أوضحها قانون الإجراءات المدنية على سبيل الحصر وليس من بينها الحراسة القضائية وعليه فالأصل أنها لا تفرض على المال بمجرد الرغبة في وفاء الدين المستحق ،(4)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- السنهوري فقرة 395 ص 272 الوجيز في شرح القانون المدني ج 7 المجلد الأول
(2)- السنهوري الموضع السابق ومصفي الشركة ومصفي التركة وسنديك التفليسة يختلف كل منهم عن الحارس فالمصفي ليس حارسا يدير المال فحسب بل هو أيضا يصفيه فيدفع الديون ويستوفي الحقوق وهذه سلطة أوسع من سلطة الحارس............السنهوري ص 809 المرجع السابق
(3)- د علي عوض حسن دعوى الحراسة طبعة 2005 دار الكتب القانونية
(4) - السنهوري المرجع السابق فقرة 405 ص 796

إلا انه يمكن أن تفرض كذلك متى توافرت الشروط القانونية لها ومتى اتضح للقاضي أن الدائن يطلب الحراسة القضائية لاستفاء حق بسبب ما لاقاه أو ما يرجح جديا انه سيلاقيه من عسر وعقبات في طريق اتخاذ وسائل التنفيذ الجبري العادية بما يجعل حقوقه معرضة للخطر إن هي تركت للوسائل العادية وحدها .(1)


◄ الحراسة القضائية وإدارة المال الشائع :

مجال تطبيق أحكام إدارة المال الشائع الواردة بالقانون المدني يختلف عن مجال تطبيق أحكام الحراسة ، فالحكم بالحراسة يدخل ضمن ما نصت عليه المادة 603 وما يليها إذ يتم قسمة المال الشائع بتعيين جزء مفرز من هذا المال لكل شريك ،(2) وهذه هي القسمة النهائية التي ينتهي بها الشيوع وتتميز عن القسمة المهيأة التي هي عبارة عن تقسيم منافع الشيء الشائع بين الشركاء فهي قسمة انتفاع لا قسمة ملكية ومن ثم لا ينتهي بها الشيوع وإنما تكون عملية مؤقتة تكفل تنظيم الانتفاع بالمال الشائع(3)


◄الحراسة القضائية والتحكيم :

التحكيم سواء كان قضائيا أو اتفاقيا يهدف إلى حل المنازعات أما الحراسة فإنها تفرض على الحقوق المتنازع عليها بحكم القضاء ريثما يتم حسمها بين أصحاب هذه الحقوق ،كما أن المحكم يصدر أحكاما في المنازعات بينما الحارس يدير المال المكلف بحراسته وليس له حق إصدار قرارات ذات طابع قضائي .


ج- خصــــــــــائص الحراسة القضـــــــــائية :

اعتبر المشرع الجزائري في مادته 183 من قانون الإجراءات المدنية أن الحراسة القضائية تدخل كعنصر أساسي ضمن مواد الاستعجال ومن ثم فالقضاء بها يتسم ويتميز بما يتميز به القضاء الاستعجالي من اعتباره إجراء تحفظي مؤقت لا يمس أصل الحق،وهي الخصائص التي سنتناول شرحها كالتالي:

1 ـ أنها إجراء قضائي تحفظي : قائم على الضرورة المقدرة من قبل الجهة القضائية المختصة سعيا للمحافظة على المال موضوع الحراسة وحفظ مصالح أصحاب الحقوق المتعلق بالمال محل الحراسة إلى أجل أمده زوال الضرورة وانتهاء النزاع القائم بشأنه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- محمد علي راتب ومحمد نصر الدين كامل ومحمد فاروق راتب قضاء الأمور المستعجلة الطبعة الخامسة فقرة 347 ص 994 ،996

2- الطعن المدني رقم 104 لسنة 52 جلسة 7 3 1952 د علي عوض حسن المرجع السابق ص 17

3- المستشار محمد عزمي البكري قسمة المال الشائع الطبعة الثانية ص 11



2ـ أنها لا تمس أصل الحق:
ينبني على أن الحراسة القضائية لا تعدو كونها إجراء قضائيا تحفظيا قائم على الضرورة المقدرة من قبل القاضي المختص أن لا تمس الحراسة القضائية أصل الحق محل الحراسة , سواء تعلق بشأنه نزاع أم لا , فالحراسة القضائية لا تتعلق _ كإجراء تحفظي ـ بأصل الحق ويجب أن لا تمسه , وأن ما قد يتعلق به حكم المحكمة من العهدة بالحراسة لأحد الخصوم أو الزاعمين بأنهم من أصحاب الحقوق على المال موضوع الحراسة لا يعد إقرارا للمكلف بالحراسة في حقه المدعى به على المال ؛ فلا يثبت له بموجب هذا القرار حق , بل لا يترجح به ادعاؤه ولا يقوى به زعمه ؛ ذلك أن النزاع على الموضوع لا زال قائما لا أثر للأمر بالحراسة عليه , وعليه فلا تتعلق الحراسة كما تقدم بأصل الحق، وسنتناول هذا بالتوضيح أكثر ضمن شروط قبول الدعوى .


3 ـ أنها إجراء قضائي مؤقت :

إن القرار القضائي المتعلق بوضع مال ما تحت الحراسة القضائية ما هو إلا تدبير وإجراء قضائي مؤقت غايته الحفاظ على المال ومصالح من تعلقت لهم به حقوق إلى حين انتهاء الموجب لفرض الحراسة , وهذه الخصيصة من خصائص الحراسة القضائية قائمة على منع الضرر المحتمل من بطء الإجراءات القضائية المتعلقة بالموضوع والاحتكام في كثير من الأحيان لقواعد الشكل .

المطلب الثاني
الأركان القانونية للحراسة القضائية

نقصد بالأركان الدعائم والركائز الأساسية التي تقوم وتستند عليها الحراسة القضائية والتي بانعدام احدها لا تقوم لها قائمة ولا تنتج آثارها وهذه الدعائم هي : محل الحراسة ، سندها المنشئ ، الحارس وسنتناول دراستها ضمن النقاط التالية :

أ- محل الحراسة القضائية

لقد رأينا أن المشرع قد استعمل مصطلح "شيء " في تعبير له عن محل الحراسة عند تطرقه لتعريف الحراسة الاتفاقية في المادة 602 من القانون المدني ،ثم انتقل في تحديده لنطاق الحراسة القضائية في المادة 603 من نفس القانون معتبرا عدم حصول الاتفاق في الأحوال المشار إليها في المادة 602 احد أسباب فرض الحراسة القضائية ، ثم إلى جانب ذلك وفي البند الثاني من نفس المادة استعمل مصطلح" منقول "،"عقار"،"مجموع من المال"في تعبير له مرة أخرى عن محل الحراسة القضائية ،كما رأينا كذلك وفي نفس الإطار النقد الموجه لذلك واعتبار أن محل الحراسة هو المال ومن ثم استبعاد كل ما ليس بمال فلا يجوز فرض الحراسة عليه .

وعليه سندرس هذا الركن في نقطة أولى بالتطرق إلى تحديد طبيعته دون تناول الشروط المتعلقة به فيما يخص قبول دعوى الحراسة القضائية التي أرجأنها إلى المبحث الثاني ،ثم نتناول في نقطة ثانية أهم الحالات التطبيقية التي تشمله .
1- طبيعة محل الحراسة :
نص المشرع الجزائري في المادة 602 ،603 من القانون المدني على أن محل الحراسة يشمل أي منقول أو عقار أو مجموع من المال يقوم في شأنه نزاع ، أو تتوافر أسباب معقولة للخشية من ترك المال تحت يد حائزه ، وهذا على خلاف المشرع الفرنسي الذي حصر محل الحراسة في ثلاثة هي : المنقولات المحجوز عليها ، والعقار أو المنقول المتنازع على ملكيته أو وضع اليد عليه ،والأشياء التي يعرضها المدين عرضا قانونيا لإبراء ذمته .(1)

وتبعا لذلك فانه يصلح أن يكون محلا للحراسة كل عقار أو منقول أو أي حق مالي آخر متنازع عليه سواء كان العقار عقارا بطبيعته أو عقارا بالتخصيص وسواء كان المنقول منقولا بحسب الأصل أو بحسب المآل كما تشمل الحقوق المالية الأخرى سواء كانت حقوق عينية أم شخصية أم معنوية ،وان كانت الحراسة تشمل الشيء الأصلي المتنازع عليه فإنها تمتد إلى توابعه وملحقاته ،وهو الذي أكدته محكمة النقض المصرية في احد أحكامها بقولها " الحراسة تشمل الشيء الأصلي وتوابعه دون حاجة للنص على ذلك في الحكم الصادر بالحراسة ،لأن دخولها تحت الحراسة مع الشيء الأصلي المتنازع عليه يحصل بقوة القانون . (2)

وعليه فان هذا الإطلاق فيما يشمله محل الحراسة له تترتب عليه فائدة عملية كبيرة تتمثل في إعطاء القضاء سلطة واسعة في تقدير الضرورة الداعية إلى الحكم بالحراسة ، ولذلك يجوز تعيين حارس على حصة شائعة في عقار بسبب النزاع بين الشركاء في كيفية الانتفاع . (3)



2- أهم الحالات التطبيقية للحراسة القضائية على محل الحراسة

إن حالات النزاع الموجب للحراسة كثيرة ومتنوعة ،ومن ثمة فإن موضوع الحراسة يمكن أن ينصب على ملكية المال ،أو على مجرد حيازة ،و قد ينصرف إلى الثمار وكيفية توزيعها، أو إدارة المال الذي يمكن أن يكون منقولا أو عقارا، وهو ما تضمنته المادة 603 من القانون المدني كما يجوز أن يكون مالا مشاعا أو مشتركا بمفهوم المادة 604 قانون مدني ، ومن استقراء المادتين السابقتين يمكن القول أن الحراسة القضائية جاءت على سبيل المثال لا الحصر وعليه فإن الدراسة ستقتصر على بعض الحالات الأكثر شيوعا من خلال الحراسة على المنقول والعقار أولا ثم على المال الشائع و المشترك ثانيا.(4)





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1- المادة 1961 من القانون المدني الفرنسي الدكتور رضا محمد عبد السلام - النظرية العامة للحراسة في القانون المدني ص 76دار الجامعة الجديدة 2007

(2)- *نقض مدني جلسة 6 6 1979 طعن رقم 35 لسنة 47 الدكتور محمد رضا عبد السلام – المرجع السابق - ص 76

(3)- محمد علي راتب قضاء الأمور المستعجلة الطبعة 2

(4)- الحراسة القضائية مذكرة تخرج للطالب القاضي محمود دعاس الدفعة 15 ص 23


◄- الحراسة القضائية على المنقول و العقار .

نصت المادة 603 من القانون المدني بأنه :" يجوز للقاضي أن يأمر بالحراسة إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه"

من خلال هذا النص يتضح أن المشرع أجاز الحراسة القضائية على المنقول و على العقار وهو ما نتعرض له فيما يلي :
◙ الحراسة على المنقـــول:
المنقول سواء كان بحسب الأصل أو بحسب المآل وسواء كان مفرزا أو كان مملوكا على الشياع , و سواء تعلق الأمر بملكية أو بحق الانتفاع أو حق امتياز أو أي حق آخر يحميه القانون يكون محلا للحراسة القضائية وهذه بعض الحالات :

- النزاع على ملكية المنقول:
تفرض الحراسة القضائية على المنقول المتنازع في ملكيته إذا خشي عليه الإتلاف أو التبديد من بقائه تحت يد حائزه, و يعد الخلاف الجدي حول ملكية شيء ما, هو الحالة النموذجية التي يعين فيها حارس قضائي (1). وتكون الحراسة في هذه الحالة مجدية إذا كانت ضرورية لحفظه و كان المنقول ذا قيمة أو يمكن استغلاله ليدر ربحا و فائدة تغطي مصاريف الحراسة القضائية إلى غاية انتهاء النزاع بشأنه رضاء أو قضاء.

- النزاع على منقول مقرر عليه حق انتفاع:
وفقا لما جاءت به المادة 847 من القانون المدني فانه على الشخص المنتفع بالعين المملوكة للغير أن يستعملها بالحالة التي تسلمها وقتها ووفقا للغرض الذي اعد ت لأجله ومع وجوب إدارتها إدارة حسنة تضمن حفظها وسلامتها من الضياع والهلاك .

و أن المالك يجوز له أن يطلب من القضاء المستعجل تعيين حارس قضائي على الشيء المقرر عليه حق الانتفاع إذا ما لاحظ أن هناك استعمالا غير مبرر قانونا من قبل المنتفع للعين المنتفع بها أو لا يتماشى مع طبيعتها يشكل خطرا يحدق بحقوقه على العين المملوكة له ،على أن يقوم قبل ذلك بتقديم اعتراض يتمثل في توجيه إنذار إلى المنتفع بالكف عن ذلك وتكليفه بتقديم تأمينات سواء كانت شخصية أو عينية، وعلى أن يواجه طلبه هذا بالرفض أو بالاستمرار في الاستعمال غير المبرر أو الذي لا يتماشى وطبيعة العين المنتفع بها .

- النزاع على منقول مثقل بحق امتياز: وهذا ما أشارت إليه المادة 985 من القانون المدني بأن الدائن في منقول مثقل بحق امتياز كالمؤجر في المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة ،أو البائع في المنقول المبيع إذا ما تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى به لمصلحته في علاقة الدانية اتجاه المدين من عدم الوفاء أو نقص الضمانات المقدمة من قبل المدين للوفاء أو تبديد المدين للمنقول جاز له أن يطلب من القضاء الاستعجالي وضع هذا المنقول تحت الحراسة القضائية مع مراعاة المتصرف إليه حسن النية من قبل المدين .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) المحامي سمير الحلبي و المحامية ريما تقي الدين الحلبي. اجتهادات قاضي الأمور المستعجلة . صفحة 290
- النزاع على منقول مرهون رهنا حيازيا:
وهذا ما أشارت إليه المادة 958 من القانون المدني على أن الدائن المرتهن يلتزم بإدارة الشيء المنقول المرهون لديه رهنا حيازيا و أن يبدل في ذلك من العناية ما يبدله الرجل المعتاد وليس له أن يغير من طريقة إستغلال الشيء المرهون إلا برضاء الراهن ويجب عليه أن يبادر بإخطار الراهن عن كل أمر بمقتضى تدخله. ومن ثم فان إخلاله بهذه الالتزامات تمكن الراهن من طلب فرض الحراسة القضائية على المنقول المرهون لحمايته والحفاظ عليه أمام القاضي الاستعجالي الذي يقدر ذلك.

◙ الحـــراسة القضائية علـــى العقار:
إلى جانب المنقول أجاز المشرع فرض الحراسة القضائية على العقار سواء كان عقارا بطبيعته أو عقارا بالتخصيص كما نصت على ذلك المادة 603 السالفة الذكر، وهذه بعض حالاته:

- النزاع على الملكية أو الحيازة:
إذا وقع نزاع في ملكية العقار وكان العقار في يد الحائز وقد إستوفى الشروط اللازمة لحماية حيازته بدعوى منع التعرض و بدعوى استرداد الحيازة , لم يجز في الأصل أن يؤخذ العقار منه عن طريق وضعه تحت الحراسة .بل يبقى العقار في يده وعلى الخصم الآخر أن يرفع دعوى الملكية , ولكن مع ذلك إذا أثبت الخصم الآخر أن هناك خطرا عاجلا من بقاء العقار تحت يد الحائز , كما إذا أهمل الحائز في المحافظة على العقار وأخذ يبدد غلته توقعا لأن يحكم لخصــمه بالــــملكية جاز للخصم أن يطلب وضع العقار تحت الحراسة القضائية أمام القضاء المستعجل أو أمام محكمة الموضوع (1) المرفوع إليها دعوى الملكية بدعوى تبعية مستعجلة وذلك إلى أن يفصل في دعوى الملكية.
وقد ينصب النزاع لا على الملكية , بل على الحيازة فإذا رهن شخص عينا رهن حيازة و امتنع عن تسليمها للدائن المرتهن , فرفع هذا الأخير دعوى يطالب بالتسليم , وخشي في أثناء نظر الدعوى من أن يخرب الراهن العين توقعا للحكم عليه وأثبت أن هناك خطرا عاجلا يهدد مصلحته على هذا النحو جاز له أن يطلب من محكمة الموضوع (2) أو من القضاء المستعجل وضع العين تحت الحراسة حتى يفصل في الدعوى الموضوعية , وكذلك يجوز للراسي عليه المزاد أن يطلب نزع الأرض من المدين المنزوع ملكيته ووضعها تحت الحراسة ، حتى يفصل قاضي الموضوع دعوى التسليم التي رفعها الراسي عليه المزاد على المدين ، وذلك إذا أثبت الراسي عليه المزاد أن في بقاء الأرض تحت يد المدين خطر ا عاجلا يهدد مصلحته (3).

- عند النزاع على عقد البيع:
ويرتبط بالنزاع على الملكية أو على الحيازة نزاع يتصل بعقد البيع , فينصب النزاع بطريق غير مباشر على الملكية أو الحيازة عن طريق النزاع في عقد البيع وفي هذه الحالة يجوز وضع العين المنيعة تحت الحراسة إذا تحقق قيام الخطر .
فإذا رفع البائع دعوى على المشتري ببطلان البيع لخلل في أحد أركانه أو بإبطاله لنقص في الأهلية أو لعيب في الرضاء أو بفسخه لتخلف المشتري على دفع الثمن , أو لإخلاله بشروط البيع , فإن النزاع هنا ينصب مباشرة على عقد البيع و لكنه يتصل بطريق غير مباشر بملكية العين المبيعة إذ لو بطل البيع أو أبطل أو فسخ لعادت ملكية المبيع إلى البائع فإذا ادعى البائع أنه يخشى من بقاء العين تحت يد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- و (2) بالنسبة للقوانين التي تجيز رفع دعوى الحراسة بطريق التبعية أمام محكمة الموضوع .كما سيأتي شرحه لاحقا.

(3)- عبد الرزاق أحمد السنهوري (المرجع السابق) ص 835.
المشتري في أثناء نظر الدعوى الموضوعية و أثبت أن بقاءها تحت يد المشتري يهدد مصلحته بخطر عاجل, جاز له أن يطلب من محكمة الموضوع أو من القضاء المستعجل وضع العين المبيعة تحت الحراسة القضائية , وكذلك إذا أثبت أن البائع الذي لم يستوف الثمن أن المشتري يخرب العين المبيعة للانتقاص من حق امتيازه أو أثبت أن المشتري لم يقم بسداد الديون التي تضمنها العين المبيعة وفقا لشروط البيع أو لم يقم بسداد الضرائب المستحقة على العين , وأن عدم سداد الديون أو الضرائب يهدد العين بنزع الملكية فيضعف ضمانه , جاز له أن يطلب وضعا للعين تحت الحراسة حتى يقوم الحارس بالمحافظة عليها أو بسداد ديونها أو بسداد المستحق من الضرائب و ذلك إلى أن يستوفي البائع الثمن من المشتري.(1)

- النزاع متصل بعقد الإيجار:
يتصل بالنزاع على الحيازة النزاع المتعلق بعقد الإيجار فينصب النزاع بطريق غير مباشر على الحيازة عن طريق النزاع المباشر على عقد الإيجار فإذا طعن المؤجر في عقد الإيجار بالبطلان أو الإبطال أو الفسخ و خشي من بقاء العين المؤجرة تحت يد المستأجر بخطر عاجل يهدد مصلحته جاز وضع العين تحت الحراسة إلى أن يفصل في دعوى الموضوع كما يجوز للمؤجر وضع الأرض المؤجرة تحت الحراسة القضائية إذا أهمل المؤجر زرعها وتركها بورا , و كانت الضرورة تقتضي تهيئتها للزراعة فورا , ولم يقم المستأجر بذلك كما يجوز للمستأجر أن يطلب وضع العين المؤجرة تحت الحراسة القضائية تكون مهمة الحارس تحصيل الأجرة وإدارة العقار المؤجر إذا أثبت أن المالك لا يقوم بذلك على الوجه الواجب لتمكين المستأجرين من الانتفاع بالعين حسب العقد .(2)

كذلك لو ثار نزاع بين المؤجر و المستأجر حول أقساط مبالغ الإيجار وتعطلت مصالح المستأجرين من الانتفاع بالعقار وملحقاته بسبب تقاعس المؤجرين عن القيام بشؤون العقار وصيانته و استيفاء مبالغ الإيجار أو إذا رفع المؤجر دعوى فسخ عقد الإيجار وطرد المستأجر ففي هذه الحالات وغيرها وكلما خشي صاحب المصلحة سواء كان النزاع فيما بين المالكين أو بين المؤجر و المستأجر أن يضر الطرف الآخر بالعين المؤجرة جاز تعيين حارس قضائي للمحافظة على العين وصيانتها و استفاء مبالغ الإيجار ودفع الضرائب و أجرة البواب و أداء بدل الاشتراك في الماء و الكهرباء و تسيير المصاعد يمكن المستأجرون من استعماله إلى حين الفصل في أصل النزاع.(3)

- الحراسة على العقار المرهون رهنا رسميا:
العقار المرهون بموجب عقد رسمي يبقى في يد المدين الراهن وتبقى له ملكيته،إلا أن القانون فرض عليه الالتزام بضمان سلامته والحفاظ عليه من التلف والهلاك في مواجهة الدائن المرتهن الذي من مصلحته بقاء العقار سليما من شأنه أن يتمكن من التنفيذ عليه لاستفاء دينه إذا ما عجز المدين الراهن عن الوفاء وهذا الذي أشارت إليه المادتين 898،و899 من القانون المدني .

كما أوضحت هاتين المادتين أنه في حالة إخلال المدين الراهن بهذه الالتزامات أو إذا ما لاحظ الدائن المرتهن أن مدينه الراهن يتصرف بشكل يجعل العقار في حالة من الخطر كتعمده إلى استغلاله بطريقة تتناقض مع الغرض الذي خصص له مما يؤثر في كيانه ،جاز له أن يتخذ من الوسائل ما يحفظ ضمانه هذا ، كأن يلجأ إلى قاضي الاستعجال من أجل تعيين حارس قضائي على العقار المرهون يتولى المحافظة عليه و استغلاله على النحو الذي خصص من أجله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1)- عبد الرزاق أحمد السنهوري ( المرجع السابق).
(2)،(3) الطالب القاضي محمود دعاس المرجع السابق

◄الحراسة على المال المشترك:
أجاز المشرع الجزائري في المادة 604 من القانون المدني على إمكانية فرض الحراسة القضائية على الأموال المشتركة في حالة شغور الإدارة المكلفة بإدارتها أو قيام نزاع بين الشركاء على إدارتها أو الإنتفاع بها كالتالي : "تجوز الحراسة القضائية على الأموال المشتركة في حالة شغور الإدارة أو قيام نزاع بين الشركاء , إذا تبين أن الحراسة هي الوسيلة الضرورية لحفظ حقوق ذوي الشأن..." .

والأموال المشتركة هي التي يحوزها أو يتملكها أو ينتفع بها شخصان – سواء طبيعيان أو معنويان- فما فوق ، ويدخل ضمنها المال الشائع ، وأموال التركة ، والشركات والجمعيات والنقابات. وحالات النزاع القائم حولها الموجب لفرض الحراسة القضائية مختلفة ومتنوعة نتناول بعضها كالتالي :

◙ الحراسة على المال الشائع:
نصت المادة 713 من القانون المدني على : "إذا ملك إثنان أو أكثر شيئا وكانت حصة كل منهم فيه غير مفرزة فهم شركاء على الشيوع و تعتبر الحصص متساوية إذا لم يقم دليل على غير ذلك ".
كما نصت المادة 715 من القانون المدني :"تكون ّإدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين ما لم يوجد اتفاقي خالف ذلك ".
و أيضا نصت المادة 716 من القانون المدني على :"يكون ملزما للجميع كل ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصاب , فإن لم توجد أغلبية فللمحكمة بناء على طلب الشركاء أن تتخذ التدابير اللازمة ولها أن تعين عند الحاجة من يدير المال الشائع .
و للأغلبية أيضا أن تختار مديرا , كما لها أن تضع للإدارة و لحسن الانتفاع بالمال الشائع نظاما يسري حتى على خلفاء الشركاء جميعا سواء كان الخلف عاما أو خاصا.
و إذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين عد وكيلا عنهم".

من هذه النصوص يتبين أن الأصل في الإدارة يكون للشركاء مجتمعين إذا أمكن الإجماع , فإن لم يمكن , فللأغلبية على أساس قيمة الأنصاب , وهذه الأغلبية إما أن تتولى الإدارة مباشرة , و إما أن تختار مديرا أو أكثر من بينها أو من أجانب عنها , ولها أن تضع للمدير نظاما يلتزم به في إدارته للمال الشائع فإذا لم تتوافر الأغلبية للإدارة المباشرة أو لتعيين مدير وتولى أحد الشركاء إدارة دون إعتراض من الباقين , عد وكيلا في الإدارة ويبقى وكيلا ما لم يعترض عليه أحد الشركاء , فإذا لم تتوافر الأغلبية و لم يتولى الإدارة أحد الشركاء أو تولاها و اعترض عليه أحد منهم ,قامت الحاجة إلى تعيين مدير للمال الشائع ,و يجوز في هذه الحالة بناء على طلب أحد الشركاء أن يعين القاضي هذا المدير من بين الشركاء أو من غيرهم , وليست هذه هي الحراسة القضائية , بل أن المدير يكون في هذه الحالة مديرا دائما و ليس مديرا مؤقتا كالحارس , و بكون تعيينه بدعوى عادية أمام محكمة الموضوع طبقا لإجراءات الدعوى المعتادة , وإنما تقوم الحاجة للحراسة القضائية كإجراء مؤقت مستعجل لا يمس الموضوع , إذا قام نزاع بين الشركاء على الإدارة كما لو انتهى عقد إيجار المال الشائع و لم يتفق الشركاء بعد ذلك على طريقة استغلال هذا المال فيجوز في هذه الحالة تعيين حارس قضائي .


كذلك إذا لم يتفق على تعيين مدير وكان يخشى على المال الشائع من خطر عاجل إذا ما ترك دون مدير. وقد تقوم الحاجة إلى الحراسة القضائية حتى و لو كان للمال الشائع مدير دائم عينته الأغلبية ، وأساء الإدارة فرأت الأغلبية عزله ولم تتفق على مدير آخر يحل محله , أو لم تتفق الأغلبية على عزله و أقام أحد الشركاء الدعوى بعزله أمام القضاء لسوء إدارته أو لخيانته أو إجحافه بحقوق الأقلية أو لأي أمر آخر يستوجب عزله ، ففي هذه الحالة قد يكون هناك خطر عاجل من ترك المال الشائع دون مدير حتى يعين من يحل محل المدير المعزول ، كما قد يقع النزاع في شأن المال الشائع لا على إدارته بل على أنصبة الشركاء فيه.

و قد يقع النزاع ، لا في إدارة المال الشائع ولا في أنصبة الشركاء بل في ديون يكون المال الشائع مثقلا بها ، كأن يكون مرهونا في دين أو مترتبا عليه حق إختصاص أو حق امتياز ، فإذا تأخر بعض الشركاء في الوفاء بحصصهم في هذه الديون ونازعوا فيها و خشي البعض الآخر من جراء هذه المنازعة أن تنزع ملكية المال الشائع ، جاز لأي منهم طلب وضع المال تحت الحراسة فيقبض الحارس ريع المال ويسدد منه الديون غير المتنازع فيها ، ويودع خزانة المحكمة قيمة الديون المتنازع فيها حتى يفصل في النزاع .

و إذا طلب أحد الشركاء قسمة المال الشائع , وطالت إجراءات القسمة و تنازع الشركاء في إدارة المال طوال المدة التي تدوم فيها الإجراءات وكانت هناك أسباب جدية للخشية من ضياع الريع في هذه المدة أو من نقصه لسوء الإدارة ، جاز لأي شريك أن يطلب وضع المال تحت الحراسة فيدير الحارس المال الشائع ويقبض ريعه و يوزعه على الشركاء إذا لم تكن أنصبتهم متنازعا فيها، أو يودعه خزانة المحكمة على ذمة الفصل في النزاع(1)










رد مع اقتباس