منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لكل من يبحث عن مرجع سأساعده
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-06-04, 21:03   رقم المشاركة : 1572
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بحري قادة مشاهدة المشاركة
اولا وقبل كل شيء رحمة الله تعالى وبركاته على كل أرواح المسلمين وأتمنى من اعماق قلبي أن نكون من أهل الجنة أجمعين أنا طالب دكتوراه محتاج مراجع حول المسرح الاحتفالي وبنية النص
الدكتور مصطفى رمضاني رائد النقد المسرحي الاحتفالي
الدكتور مصطفى رمضاني رائد النقد المسرحي الاحتفالي

الدكتور جميل حمداوي

يعد مصطفى رمضاني من أهم النقاد المغاربة الذين كرسوا حياتهم لخدمة المسرح إبداعا ونقدا وتنظيرا إلى جانب ثلة من الباحثين الجادين في ميدان النقد المسرحي كحسن المنيعي وعبد الكريم برشيد ومحمد الكغاط وعبد الرحمن بن زيدان ومصطفى بغداد ويونس لوليدي وسعيد الناجي وحسن يوسفي وأحمد بلخيري وعبد المجيد شكير وعز الدين بونيت ورشيد بناني وعبد الواحد عوزري وحسن البحراوي وأكويندي سالم وعبد القادر عبابو وبشير القمري وفؤاد أزروال وجميل حمداوي.
ويتميز مصطفى رمضاني عن هؤلاء بكونه رائد النقد المسرحي الاحتفالي بكل جدارة واستحقاق، كما يعتبر كذلك من المؤسسين السباقين إلى إرساء الدرس المسرحي الأكاديمي بالجامعة المغربية منذ الثمانينيات إلى يومنا هذا إلى جانب كل من حسن المنيعي وعبد الرحمن بن زيدان والمرحوم محمد الكغاط .
وسنحاول في هذه الدراسة أن نعرف بشخصية الدكتور مصطفى رمضاني ، ونذكر ما قدمه من إنتاج زاخر في مجال الدراسات الأدبية والنقدية، وما أعطاه من عصارة فكرية وذهنية وجمالية في ميدان التأليف الإبداعي والتنظيري ، مقيّمين تجربته في مجال المسرح والدرس الأكاديمي الجامعي.

1- مــن هو مصطفى رمضاني؟

ولد مصطفى رمضاني بمدينة أبركان في المنطقة الشرقية من المغرب الأقصى، أعد دبلوم الدراسات العليا حول قضايا المسرح الاحتفالي، و حصل على دكتوراه الدولة في الأدب الحديث والمعاصر على أطروحته القيمة التي أنجزها سنة 1993م بعنوان:" توظيف التراث في المسرح العربي".

ومن المعروف أن الدكتور مصطفى رمضاني أستاذ جامعي يدرس المسرح بجامعة محمد الأول بوجدة، كما أنه مؤلف وناقد مسرحي على حد سواء. وقد حاز على جائزة النقد المسرحي بمصر سنة 1989م، ونال أيضا الجائزة الأولى لجمعية القاضي عياض عن مسرحيته " أطفال البسوس" التي أخرجها محمد بلهادف في المهرجان الأول للمسرح المدرسي بالجديدة سنة 1993م.
ومن المعلوم كذلك أن مصطفى رمضاني يترأس ميدانيا فرقة المسرح الجامعي للبحث الدرامي بوجدة، ويدرس مجزوءة المسرح لطلبة الدراسات العليا الذين يحضرون شهادة الماستر وشهادة الدكتوراه الوطنية.
ومن أعماله المسرحية نذكر: بني قردون التي صدرت عن دار تريفة بأبركان سنة 2007م، ومجرد تمثيل، وهذه هي القضية، وأطفال البسوس، والباسبور، والوحدة، ورجال البلاد، وقد قدمت أغلبها في كثير من المهرجانات المسرحية المحلية والوطنية.
أما عن المصنفات التي ألفها الدكتور مصطفى رمضاني فهي: "قضايا المسرح الاحتفالي" الذي نشره اتحاد كتاب العرب بدمشق سنة 1993م، وكتاب" توظيف التراث في المسرح العربي" الصادر عن اتحاد كتاب العرب بسوريا، وكتاب" ملامح الحركة المسرحية بوجدة : من التأسيس إلى الحداثة" ، وقد تكلفت بنشره كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة سنة 2006م، وكتاب "بنية الخطاب المسرحي عند توفيق الحكيم من خلال شهرزاد"، وهو من منشورات جريدة الشرق بوجدة سنة1995م، و كتاب" بيبليوغرافيا المسرح المغربي " بالاشتراك مع الدكتور محمد قاسمي، وقد صدرت طبعته الأولى سنة 2003م.
وللدارس أيضا في مجال المسرح أبحاث عديدة منشورة في المجلات والصحف المحلية والوطنية والعربية. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى غزارة إنتاج أستاذنا المتمكن بفن المسرح تجربة واحترافا وتدريسا، كما يشير هذا التراكم الكمي والكيفي بكل صراحة إلى اجتهاده المتفاني في البحث الدرامي والسينوغرافي والدراماتورجي بدون انقطاع، ونشاطه الكبير في مجال الساحة المسرحية الوطنية والعربية إبداعا ونقدا وتتبعا بله عن مشاركاته الكثيرة في لجن تقويم الأعمال المسرحية العامية أو الفصيحة أو الأمازيغية سواء أكانت عروضا مدرسية أم طفولية أم جامعية أم شبابية أم احترافية أم عروضا يشارك فيها الممثلون الهواة.

2- أعمــال مصطفى رمضاني:

ركز الدكتور مصطفى رمضاني جل دراساته الأدبية والنقدية على التعريف بالمسرح الاحتفالي ونقد أعماله ودراسة مبادئه النظرية ومستوياته السينوغرافية ومعطياته الدراماتورجية.
وكانت تجربة عبد الكريم برشيد الاحتفالية وأعماله وعروضه المسرحية محور دراسات أستاذنا مصطفى رمضاني الذي قارب تصوراتها النظرية والتطبيقية، كما قارب أيضا كل الأعمال المسرحية الاحتفالية التي تقدم بها أتباع عبد الكريم برشيد المنضوين تحت المدرسة الاحتفالية ضمن رؤية نقدية موضوعية محايدة تنبني على دراسة المضامين والقضايا الدلالية والمرجعية وتتبع الجوانب الفنية والمكونات الجمالية و الآليات السينوغرافية بطريقة أكاديمية شاملة تعتمد على الوصف والتحليل والتقويم والتوجيه والتأريخ سواء في دراساته الصحفية أم كتاباته الجامعية التي أعدت لنيل شهادة دبلوم الدراسات العليا و دكتوراه الدولة.
ولم يدل مصطفى رمضاني بآرائه ومواقفه التي ضمنها في دراساته القيمة وأبحاثه الجامعية الموضوعية ومقالاته الصحفية المحايدة إلا ليبين للجميع ما للاحتفالية وما عليها، وتقويمها تقويما علميا أكاديميا بعيدا عن المزايدات والحسابات الضيقة.
وقد شارك الدارس بنقده الجاد في إطار سياق سياسي وثقافي إيديولوجي وحزبي كان يتسم في السبعينيات وبداية الثمانينيات بالصراعات الشخصية والتطاحن البرجماتي بين المؤلفين والمخرجين و الفرق المسرحية ، واختلاف المدارس الدرامية في وجهات نظرها، وتباين تصوراتها الذهنية والتطبيقية وأطروحاتها الفكرية والجمالية، و تقابل رؤاها ومنظوراتها إلى الإنسان والقيم والعالم والكون.
وقد أدى هذا الوضع المشحون بالتوتر والصراع الجدلي السياسي والثقافي إلى ظهور مجموعة من البيانات والحركات المسرحية المتضادة كالمسرح الفردي مع عبد الحق الزروالي ، والمسرح الاحتفالي مع عبد الكريم برشيد ، والمسرح الثالث مع المسكيني الصغير، ومسرح المرحلة مع حوري الحسين، ومسرح النقد والشهادة مع محمد مسكين، والمسرح الإسلامي مع محمد المنتصر الريسوني في مسرحيته الشعرية " أعراس الشهادة في موسم الشنق".
وقد تسببت هذه البيانات التي تفتقت عليها مجموعة من الحركات المسرحية في إفراز التشنجات العصبية التي كانت تظهر في كتابات بعض المسرحيين المعادين لعبد الكريم برشيد، كما ساهمت أيضا في إثراء الحركة النقدية المسرحية المغربية التي تحولت كتاباتها إلى ردود وردود معاكسة أشعلت فتيل الأهواء الشخصية وأذكت نار الصراعات الإيديولوجية، والتي انتهت بدورها إلى ظهور مجموعة من كتب عبد الكريم برشيد الدفاعية والنقدية والنظرية ولاسيما كتابه الدفاعي: "الاحتفالية مواقف ومواقف مضادة"، الذي يدافع فيه صاحبه عن المدرسة الاحتفالية، ويرد على الذين يعارضون توجهاته النظرية والتطبيقية عن موضوعية أو تحيز. ويقول مصطفى رمضاني في هذا الصدد:" مازالت الاحتفالية تعرف ردود فعل متباينة داخل المغرب وخارجه، خاصة عبر الدراسات الجادة والمعقدة التي تبادلتها في نوع من الحياد الأخلاقي".[1]
هذا، وقد وجهت للاحتفالية مجموعة من الانتقادات التي كانت في معظمها انطباعات قدحية وحزازات شخصية لاتمت بصلة إلى النقد العلمي والموضوعي ؛ لأن هذا النقد كان يتسم بطابع " الانفعال والشره، وإطلاق الأحكام والنعوت المثيرة للأحقاد نحو" طقوس بلا مردود"، و" ظاهرة موسمية"، " ومتحالفة مع البرجوازية"، و" ضليلية "، و" فاشية"، و" انتهازية"، و" علامة مسجلة"، و" تدجيل" إلى غير ذلك من الألقاب التي تجعل من النقد سبا " ومقابلات عنيفة وتباريا فنتازيا في الكلام"[2].
وقد أشاد كثير من النقاد بالموضوعية العلمية التي كان يتحلى بها أستاذنا مصطفى رمضاني في التعاطي مع الظاهرة الاحتفالية ومع الظواهر المسرحية الأخرى. فلنسمع مايقوله الدكتور عبد الكريم برشيد في حق هذا الناقد المتميز:" وفي نفس السياق- الذي يعتمد التحليل الموضوعي للكشف عن مكونات الاحتفالية وعن مصادرها المعرفية والجمالية- تجد مصطفى رمضاني. فهو باحث مسرحي جاد بلا شك. وهو إلى جانب ذلك مبدع مسرحي له عطاءاته المسرحية المتعددة. إن هذا الاسم المسرحي قد حاول دائما ألا يخلط داخله بين العالم والفنان. وبذلك، فقد التزم بنوع من ( الإبعاد) النقدي والإبداعي".[3]
ويتميز المسرح الاحتفالي لدى مصطفى رمضاني من خلال كتابه" قضايا المسرح الاحتفالي" بمجموعة من السمات كالتحدي والإدهاش والتجاوز والشمولية والتجريبية و التراث والشعبية والإنسانية والتلقائية والمشاركة والتأرجح بين الواقع والحقيقة وتوظيف اللغة الإنسانية والاتكاء على النص الاحتفالي.[4]
وتتمثل المرتكزات الفنية والسينوغرافية ضمن المنظور الاحتفالي في تكسير الجدار الرابع والثورة على القالب الأرسطي والتمرد عن الخشبة الإيطالية، وتقسيم المسرحية إلى حركات وأنفاس احتفالية، وتوظيف قوالب الذاكرة الشعبية الاحتفالية ، واستبدال الممثل بالمحتفل، وتحويل العرض إلى احتفال مسرحي.
وينهي مصطفى رمضاني كتابه بذكر أهمية الاتجاه الاحتفالي وطنيا وعربيا، وتبيان أثره على المخرجين والمبدعين والممثلين الشباب:" وإذا كانت الاحتفالية قد خلفت هذه التراكمات النقدية المتأرجحة بين الذاتية والموضوعية، فإنها عملت في نفس الوقت على إعطاء المسرح الهاوي بالمغرب أنفاسا جديدة للتجريب والتأصيل، وهذا ما يفسر تهافت مبدعينا الشباب على التراث يستمدون منه أشكاله التعبيرية وأحداثه وشخصياته، لأنه يوفر لهم مساحات شاسعة للتعامل مع تناقضات الواقع، ولم تقف هذه الموجة الاحتفالية عند الهواة المبتدئين، بل تجاوزتهم إلى مبدعين يمثلون ريادة المسرح الهاوي الجاد نحو أحمد العراقي ومحمد تيمد وشهرمان وحوري الحسين والتسولي وإبراهيم وردة ومحمد مسكين ويحيى بودلال وغيرهم."[5]
وينتقل مصطفى رمضاني في كتابه "توظيف التراث في المسرح العربي" إلى دراسة طرائق توظيف التراث في المسرح العربي منذ أواسط القرن التاسع عشر مع مارون النقاش و يعقوب صنوع وأبي خليل القباني ويعقوب صروف مرورا بتوفيق الحكيم ويوسف إدريس إلى الاتجاه الاحتفالي ، دارسا كل الإنتاجات المسرحية العربية التي عملت على توظيف التراث استنباتا وتأسيسا وتجريبا وتأصيلا في علاقته مع المرجع المسرحي الغربي.
و يشير أستاذنا رمضاني بأن رواد المسرح العربي قد فطنوا " منذ البداية إلى غربة الشكل المسرحي الغربي، كما فطنوا إلى أن المستعمر يسعى إلى فرض ثقافته لطمس كل ثقافة وطنية، لذلك لجأوا إلى البحث عن هويتهم وتميزهم، فكان التراث هو المصدر الشامل الذي وجدوا فيه ضالتهم، لأنه يمثل مقومات الأمة واستمرارية تميزها."[6]
ويدرس الدكتور مصطفى رمضاني في كتابه " بنية الخطاب المسرحي عند توفيق الحكيم من خلال شهرزاد" مضامين المسرحية وبناها الفنية والجمالية والسينوغرافية بالتركيز على الفكرة التعادلية التي تطبع المسرحية صياغة ودلالة:" ومسرحية شهرزاد دعوة إلى التعادلية، ولكنها دعوة اختارت الطريقة الثانية، فجاءت مليئة بالتلميحات والرموز والإشارات الموحية حتى كادت توهمنا بصوفيتها. وهي في كل ذلك لم تخرج بصراعاتها وأفكارها وشخصياتها عن القضية الجوهرية التي ظلت الشغل الشاغل بالنسبة إلى توفيق الحكيم عبر مسيرته المسرحية الطويلة. وأعني بها قضية الإنسان، في علاقته بمحيطه الإنساني عامة والاجتماعي خاصة.
وانطلاقا من هذه القضية الجوهرية سارع الحكيم إلى البرهنة على فرضيته المتميزة " التعادلية"، فاختار طريقته التوفيقية في معالجة مختلف أنماط التعارضات التي تعترض وجود الإنسان، وقد امتدت هذه التوفيقية إلى الجانب الفني – رغم طابعها الفكري بالأساس- . وتتمثل هذه التوفيقية في الجمع بين بعض الجماليات الشعبية ذات المنحى التراثي الخالص، وبين جمالية المسرح الأرسطي الكلاسيكي. طبعا إلى جانب محاولته التوفيق بين مختلف المدارس المسرحية الغربية بمنظور عربي إسلامي."[7]
ولم ينس الدكتور مصطفى رمضاني مقاربة مسرح المنطقة الشرقية بالمغرب الأقصى، فقد خصص له دراسة قيمة وجادة تحت عنوان" الحركة المسرحية بوجدة : من التأسيس إلى الحداثة "[8]، وقد انتهج الباحث في هذا الكتاب منهجية تاريخية فنية . إذ استند الكاتب في هذه الدراسة إلى التحقيب الزمني لمعرفة تطورات المسرح العربي بالمنطقة الشرقية وبالضبط في مدينة واحدة وهي: مدينة وجدة، حيث أشار الكاتب في دراسته المونوغرافية إلى الحركة المسرحية بالمدينة قبل الاستقلال، لينتقل بعد ذلك إلى مرحلة ترسيخ الخطاب المسرحي بمدينة وجدة، لينتهي إلى دراسة مسرح النقد والشهادة أو مسرح النفي والشهادة عند محمد مسكين مختتما كتابه بالحداثة المسرحية في مسرح لحسن قناني المعروف بمسرح الكوميديا السوداء.
وقد ذيل الباحث كتابه النقدي بملحق خصصه للمهرجانات واللقاءات المسرحية التي نظمت بمدينة وجدة ، كما ذكر الدارس الجوائز التي حصلت عليها فعاليات من هذه المدينة .
ومن ناحية أحرى، علينا أن نعرف بأن الحركة المسرحية بمدينة وجدة تشكل حسب أستاذنا مصطفى رمضاني" رافدا من روافد المسرح العربي كله. وهو رافد متشعب العناصر، يتوزع بين الإبداع والنقد والتنظير. وقد ركزنا- يقول الباحث- على العنصر الأول – أي عنصر الإبداع المسرحي- باعتباره الأكثر تمثيلية لهذه الحركة، رغم أن مدينة وجدة تميزت بتجربة التنظير لمسرح النقد والشهادة. كما أننا في هذا العنصر نفسه اقتصرنا على العروض المسرحية الهاوية التي عرضت فوق الركح، ولم يلتفت إلى النصوص التي لم يتح لها أن تعرض بعد، وهي كثيرة أيضا. وقد سعينا في كل ذلك إلى تقديم صورة كلية عن خريطة المسرح بهذه المدينة مع تجنب التعليقات والإفاضة في وصف العروض المسرحية، وإن كان كل عرض يتطلب بحثا مستقلا... ورجاؤنا أن تتضافر الجهود لتحقيق هذه الغاية قصد ملء المساحات الفارغة الأخرى في خريطة المسرح المغربي كله."[9]
وينتقل الدكتور مصطفى رمضاني مع زميله الدكتور محمد قاسمي إلى إعداد " بيبليوغرافيا المسرح المغربي "[10]، وذلك بذكر بيوغرافية المؤلفين المسرحيين المغاربة وسيرهم الذاتية مع تعداد إنتاجاتهم المسرحية تحقيبا وتوصيفا وإحصاء واستقراء واستنتاجا.
وعلى المستوى الإبداعي، أبدع مصطفى رمضاني مسرحية امتساخية رائعة بعنوان" بني قردون" [11]جمع فيها بين الطرح الاحتفالي وخصائص الكوميديا السوداء وسمات مسرح النفي والشهادة.
ومن ثم، فمسرحية " بني قردون " مسرحية واقعية وانتقادية يتقاطع فيها ما هو اجتماعي وما هو سياسي، ويتداخل فيها ماهو اقتصادي مع ماهو تاريخي، و يتجادل فيها ماهو تراثي مع ماهو ثقافي ذهني. أي إن المسرحية دسمة بالقضايا الجدية والجادة مادامت تتعلق بالقضايا العربية المصيرية المرتبطة بتاريخ العرب وهويتهم وحاضرهم. كما ينتقد الكاتب مجموعة من الآفات والظواهر السلبية التي تفشت في المجتمع العربي كالتقاعس والكسل والخمول والعبث والتسيب والبيروقراطية والفساد بكل أنواعه والحكم الفردي المطلق والبطالة وتردي الإعلام العربي وانقسام العرب وتفرقهم وجبنهم وخوفهم من بطش الأعداء الذين يتكالبون على بلدانهم ويستبيحون أعراضهم ويهتكون شرفهم. ويندد الكاتب كذلك بانعدام حقوق الإنسان وانتشار الفقر والبؤس و تفاوت الطبقات الاجتماعية التي تعكس لنا مقولة هيجل ألا وهي: جدلية السيد والعبد.
وعليه، فالمسرحية تجسيد صارخ وصادق لتناقضات المجتمع العربي بصفة عامة والمجتمع المغربي بصفة خاصة. و بالتالي، تقدم المسرحية شهادة حية موثقة على انحطاط الواقع العربي وتردي الإنسان العربي المتآكل في ذاته وهويته وكينونته والممسوخ في آدميته وبشريته.
وتتسم مسرحية " بني قردون" على المستوى الفني والجمالي بأنها مسرحية ساخرة تندرج ضمن الكوميديا السوداء أو الكوميك الصادم، وتعالج قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وتاريخية في قالب تجريبي جديد يعتمد على مسرح النقد والشهادة والمسرح البريختي والاستفادة من ميتا مسرح والفانتازيا والگروتيسك والارتجال والمسرح داخل المسرح، والانفتاح على الحلقة والكوليغرافيا الميمية و والتقليد البصري والسينوغرافيا الوظيفية والموسيقا الشعبية المتناغمة .[12]
وبالإضافة إلى ماتقدم، فقد خدم الدكتور مصطفى رمضاني الدرس الأكاديمي الجامعي المغربي خدمة كبيرة بمحاضراته القيمة وبعمله البيبليوغرافي الرائع وبدروسه الجادة حول المسرح العربي ودراسة ظاهرة المسرح الاحتفالي عبر التركيز على تاريخ الظاهرة وتبيان قضاياها الدلالية والفنية والمقصدية، دون أن ننسى المحاضرات المفيدة والممتعة التي كان يقدمها الأستاذ لطلبة الإجازة وطلبة الماجستير والدكتوراه - قسم الأدب العربي الحديث والمعاصر- حول توظيف التراث في المسرح العربي، و دراسة مسرحية شهرزاد لتوفيق الحكيم، ورصد خصائص المسرح المغربي في المنطقة الشرقية، والاهتمام بالبحث الدراماتورجي إبداعا و تأليفا ونقدا وإخراجا.

خاتمــــة:

يتبين لنا، من خلال ما تم عرضه في هذه الدراسة المقتضبة، أن الدكتور مصطفى رمضاني باحث مسرحي جاد ونشيط يجمع بين شخصية الفنان المبدع وشخصية الناقد الدراماتورجي، وينهج في دراساته المنهج الموضوعي المحايد والمقترب الأكاديمي الذي يجمع بين التحقيب التاريخي والدراسة الفنية الجمالية التي تتكئ على استقراء المكونات الدرامية للأعمال المسرحية والبحث في جوانبها الجمالية والسينوغرافية مع تحديد مقصدياتها ووظائفها المرجعية والإيديولوجية.
وعليه، فلقد جمع مصطفى رمضاني في الميدان المسرحي بين الإبداع و التمثيل والإخراج والنقد والبحث الدراماتورجي والتدريس المسرحي الأكاديمي والإعداد البيبليوغرافي والحكامة النقدية العادلة في قراءة العروض المسرحية وتقويمها وتوجيه أصحابها الوجهة المسرحية السليمة.
ويمكن القول في الأخير: إن الدكتور مصطفى رمضاني هو رائد النقد المسرحي بالمنطقة الشرقية والنقد المسرحي الاحتفالي بدون منازع، كما أنه من النقاد المسرحيين المجتهدين النشيطين في المغرب بصفة عامة والعالم العربي بصفة خاصة، ومن أكثرهم عطاء وإنتاجا وحضورا كما وكيفا.
ويستحق منا هذا المبدع المتخلق وهذا الدارس الجاد كل تنويه وشكر وتكريم؛ لما أسداه من خدمات جليلة للأدب المغربي الحديث والمعاصر من جهة، وفن المسرح والبحث الدراماتورجي من جهة أخرى.

ملاحـــظة:

جميل حمداوي، صندوق البريد 5021 أولاد ميمون بالناظور المغرب؛
- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -
www.jamilhamdaoui.net


الهوامش:

[1] - د- مصطفى رمضاني إشكالية المصطلح في المسرح الاحتفالي)، جريدة العلم، العلم الثقافي، المغرب، العدد 661، يناير 1990م، ص:2؛
[2] - انظر د. مصطفى رمضاني: الاحتفالية والتراث، رسالة جامعية مرقونة بكلية الآداب، جامعة محمد الخامس، الرباط؛
[3] - د عبد الكريم برشيد: الاحتفالية: مواقف ومواقف مضادة، دار تينمل للطباعة والنشر، مراكش، الطبعة الأولى سنة 1993م، ص:56-57؛
[4] - د. مصطفى رمضاني: قضايا المسرح الاحتفالي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، سورية، دمشق، ط 1، 1993م، ص:83؛
[5] - مصطفى رمضاني: المرجع السابق، ص:196-197؛
[6]- د. مصطفى رمضاني: ( توظيف التراث وإشكالية التأصيل في المسرح العربي)، مجلة عالم الفكر، الكويت، مارس 1987، ص:80؛
[7] - د.مصطفى رمضاني: بنية الخطاب المسرحي عند توفيق الحكيممن خلال شهرزاد، منشورات جريدة الشرق بوجدة، ط 1 ،1995م، ص:121؛
[8] - د. مصطفى رمضاني: الحركة المسرحية بوجدة، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية،جامعة محمد الأول بوجدة، الطبعة 1، 1996م؛
[9] - مصطفى رمضاني: المرجع السابق، ص:225؛
[10] - انظر د.مصطفى رمضاني: بيبليوغرافيا المسرح المغربي (اشتراك مع الدكتور محمد قاسمي)، الطبعة الأولى، سنة 2003م؛
[11] - مصطفى رمضاني: بني قردون، منطبعة تريفة ، بركان، المغرب، الطبعة الأولى، 2007م؛
[12] - د- جميل حمداوي: (الكوميديا السوداء في مسرحية" بني قردون" لمصطفى رمضاني)، جريدة يومية الناس، المغرب، العدد5 ، السبت- الأحد 9-10 يونيو 2007م،ص:4-5.
https://laghtiri1965.arabblogs.com/ar...11/372008.html









رد مع اقتباس