منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لماذا هذا الهجوم على السلفية في الجزائر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-04-30, 23:53   رقم المشاركة : 134
معلومات العضو
عبد الكريم السبكي
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

سم الله الرحمن الرحيم .


زعم حسن بن فرحان المالكي في إحدى مناظراته أن مصطلح "الصحبة " و"الصحابة" مصطلح غير قرآني ، و زعم أيضا أن لفظ "الصحبة " قد يثبت للعدو كقوله تعالى (( وما صاحبكم بمجنون)) كما قد يثبت للصديق كقوله تعالى في أبي بكر : (( إذ يقول لصاحبه )) . هذا ، وقد يثبت مصطلح الصحبة للأشياء ولمن لا يتابع نحو قوله تعالى : ((صاحب الحوت )) و قوله تعالى (( أصحاب النار و أصحاب الجنة . ))



ولما كان هذا، فقد توصل " حن بن فرحان المالكي " إلى حقيقة مفادها أن لفظ " الصحابة " لا فضل فيه ولا مكرمة لأنه يثبت للمومن والكافر فضلا عن أنه يثبت للشيء الذي لا إيمان له ولا كفر ، وعليه فالأولى أن يؤتى بلفظة "محايدة" مثل : "المتبع" أو "الذين اتبعوا " !!



والحقيقة أن هذه شبهة ضعيفة لا ينهض لقائلها مذهبه في إسقاط لفظ "الصحابة" ، ولا يدل هذا إلا على ضحالة في الاطلاع على تصرفات العرب في الألفاظ ، ويُخشى أن يكون مبدأ الفكرة سابقا لدليلها وأن تكون نية إسقاط "الصحابة " مبيتة بليل !

أما التفصيل ، فيقال أولا : إن لفظ " الأتباع " الذي اقترحه علينا "حسن بن فرحان المالكي " بدلا من لفظ "الصحابة " ليس لفظا قرآنيا أيضا ، فإنك لا تجد في القرآن كلمة " أتباع " مرادا بها المومنون .


و كذلك الحال في الفعل " تبع " و " يتبع " فإنه يصدق عليه نفس الإشكال الذي أورده على لفظ " الصحبة " وفعل "صحب " : أي أنه يقال في المومن والكافر والعاصي ويقال للشيء ، فإن الله قال : (( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ))

وقال سبحانه ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ، وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا )) .

وقال سبحانه : (( ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه ))وقال تعالى : (( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد ))وقال تعالى ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس )).

ومن استعمال " تبع " في الشيء قوله تعالى ( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة )).


ومثل هذا في القرآن كثير ، وبه يتبين للباحث المنصف أن الإشكالات التي أوردها " حسن بن فرحان المالكي " في لفظ " الصحابة " واردة هي نفسها في لفظ "الأتباع" وفعل " تبع " وتصريفاته !! هذا أولا .



ثانيا : لا يستقيم الإتيان بالألفاظ القرآنية وحدها بمعزل عن الألفاظ النبوية ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) ، فالسنة الصحيحة والقرآن لا ينفصلان أبدا ، ومن فصلهما فهو ممن يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويسعون في الأرض فسادا ، لأن الله قال : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )) ، ولو صحت هذه الطريقة لنبذ أئمة الإسلام كثيرا من المصطلحات التي لم ترد في القرآن كمصطلح " السنة " ومصطلح" التوحيد " و " الفرائض " ونحوه .

ثالثا : مصطلح " الصحابة " و " الصحبة " مصطلح نبوي راشدي لا ينكره إلا من فقد الأنصاف ، فإن السلف جعلوا مصطلح " الصحبة " وما اشتق منه حكرا على من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه ومات على الإسلام ، بل وجعلوه فضيلة ومنقية فكانوا يقولون " له صحبة " وقال عمر في رجل هم أن يعاقبه " لولا أن له صحبة" ، فالمنصف يرى أنهم قيدوا إطلاقه وتصرفوا فيه هذا التصرف فصار حكرا على هذا المعنى وحده دون سائر المعاني التي يأتي فيها فعل صحب وما اشتق منه ، ولا عجب ، فإن الصحابة أنفسهم هم من قيد إطلاقه ، وهم العرب الأقحاح ، كما قيدوا إطلاق لفظ "الدابة " فجعلوه لذوات الأربع ، وإن كان اللفظ أوسع من ذلك كما قال تعالى : (( وما من دابة في الأرض)) ، ومع هذا فلم يسموا الدجاجة دابة عند الإطلاق ، ولا الطاووس دابة عند الإطلاق ولا الإنسان دابة وإن كان كل من ذلك يدب ! وهذا هو سر المسألة .


وعلماء الأصول يقولون إن الأصل في الألفاظ هو الحقيقة الشرعية فإن لم تكن فالعرفية ، وإلا فاللغوية ، فلفظ " الدابة " لا تجد له تقييدا في الشرع ، ولكن جرى في عرف العرب تقييده فصارت الدابة عند الإطلاق تنصرف للحقيقة العرفية المتعارف عليها هي ذات الأربع ، ولم يعموا اللفظ على كل ما يدب .



إذا فهمت هذا ، فإنك لا شك تفهم أن اصطلاح "الصحابة " والصحبة وما يشتق منه من أفعال إذا ذكر في سياق الشريعة والدين فإنما ينصرف لا شك لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المومنين به لا لغيرهم ممن ليسوا من أصحابه و لا لمن كان قد يجالس النبي ولكنه من المنافقين ، فافهم هذا تعرف موطن التلبيس في كلام حسن بن فرحان المالكي!



وتقريب ذلك أن يقال : إذا قيل " قال الحافظ أو صححه الحافظ " في كتب الحديث انصرف معنى اللفظ عند الإطلاق إلى أمير المومنين الحافظ ابن حجر العسقلاني وحده عند العلماء ، وإن كان في العلماء غيره من الحفاظ ، ولا ينصرف اللفظ إليهم لأنه صار حقيقة عرفية في ابن حجر عند الإطلاق. وإن شئت قلت صار عَلَما فيه .


ونقول لابن فرحان : لو أن ابنك الصغير قال لك خرجت مع أصحابي وجالست أصحابي فهل ينصرف ذهنك إلى أعدائه أو إلى شيء ليس آدميا وأنت تستدل بقوله تعالى ( وما صاحبكم بمجنون))؟ وقوله (( صاحب الحوت )) !! فهل تفهم من كلام ابنك هذا الفهم الذي زعمته محتملا في لفظ الصحابة ؟!!!


وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) ، فإنه عليه الصلاة والسلام نهى عن قتله خشية أن يتحدث الجاهلون بأمر هؤلاء المنافقين فيقولون : يقتل أصحابه ، والحقيقة أنهم ليسوا أصحابه بل هم ألد اعدائه ، وكيف لا وقد قال له الله فيهم (هم العدو)) ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليعلل النهي عن قتلهم بقول الناس وكلام الناس وهم مومنون ، والإيمان يعصم الدم ! فكيف يعلق النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن قتلهم بقول الناس ولا يعلله بإيمان هؤلاء ، والإيمان هو العاصم للدم حقيقة ؟!! فمعنى الحديث إذا : لا يتحدث الناس الجاهلون بنفاقهم وكفرهم -الذي رأيته أنت وعلمته أنت -فيقولون محمد يقتل أصحابه.


وفي الختام أقول : إن السر في معنى الصحبة هو الملازمة وكثرة اللزوم في الغالب ، وهذه حال النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه المومنين به ، فسموا صحابة ، ولهذا اللزوم الكثير قبل البعثة قيل للمشركين :
((وما صاحبكم بمجنون)) أي أن هذا الرجل الذي لازمكم بمكة ولازمتموه فيها أربعين سنة، وخبرتم أثناء هذه الملازمة الطويلة صدقه وأمانته وعفته ليس بمجنون وأنتم أول من يعرف ذلك لطول هذه الملازمة بينكم وبينه قبل البعثة ،ولطول ملازمة أهل الجنة وأهل النار لمآلهم قيل فيهم أصحاب الجنة وأصحاب النار ، ولطول مملازمة يونس عليه اللام للنون قيل فيه صاحب الحوت ، فالصحبة غالبا تقتضي الملازمة ، ثم صارت حقيقة عرفية في أصحاب الرسول صلى اله عليه وسلم المومنين به الذين رأوه ، كما صار التابعون حقيقة عرفية في أصحاب أصحابه مع أن كل المسلمين تابعون ، فافهم هذا يرحمك الله ، ، ولتكن هذه العجالة عنوانا على حسن بن فرحان وعدنان إبراهيم وأمثالهم تعرف بها ضلالهم وزيغهم .


((محمد رسول الله ، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل ...الآية))



فالصحابة الذين مع الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرهم الله في التوراة والإنجيل قبل أن يخلقوا وأثنى عليهم ومدحهم قبل وجودهم بقرون، وآمن بذلك أهل الكتاب المومنون من قبل !! وحسبك هذا الفضل فضلا ، ومن أراد الزيادة فليرجع لكتب أهل الحديث ليكحل عينيه بفضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .










رد مع اقتباس